ثلاثة أشهر على كارثة الزلزال .. العمل مستمر لأجل التعافي

لن يكون من السهل أبداً مواجهة آثار الزلزال طويلة الأمد، ولكن يجب أن يعرف العالم أجمع أن سوريا لم تكن تحت الأنقاض جراء الزلزال فقط…سوريا تحت الأنقاض منذ 12 عاماً بسبب حرب نظام الأسد وروسيا

مرت ثلاثة أشهر على كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمال غربي سوريا فجر الاثنين 6 من شباط، وخلّف خسائر مؤلمة في الأرواح والممتلكات، وامتدت آثاره لتشمل مختلف نواحي الحياة، من مسكن وتعليم وصحة وخدمات، مع فقدان عشرات آلاف العوائل لمنازلها في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة خلفتها سنوات من التهجير والحرب ووجود نحو مليوني شخص في مخيمات التهجير، واحتياجات هائلة للسكان بعد فقدانهم مصادر رزقهم، ودمار البنية التحتية وخطوط المياه والصرف الصحي في الكثير من المناطق ما يزيد احتمالية تفشي الأمراض وتهديدها حياة السكان، وضعف في الاستجابة الإنسانية الأممية.

وعملت فرق الدفاع المدني السوري ضمن خطة عمل شملت ثلاث مراحل للاستجابة للزلزال، المرحلة الأولى تتعلق بالاستجابة الطارئة وانتهت بانتهاء عمليات البحث عن ناجين وانتشال جثامين الضحايا، ، وينفذ برنامج الصمود المجتمعي في المؤسسة المرحلتين الثانية والثالثة من الاستجابة، وتشمل المرحلة الثانية فتح الطرقات وتأمين مخاطر الجدران الآيلة للسقوط للحفاظ على أرواح المدنيين وتسهيل عمليات الاستجابة للطوارئ وفتح شرايين الحياة التي أغلقها الركام، والمرحلة الثالثة تشمل إزالة الأنقاض وهي خطوةٌ حاسمة نحوَ إنعاش المجتمعاتِ المتضررة واستعادة البنية التحتية لبدء السكان بإعادة بناءِ حياتهم.

المرحلة الأولى: عمليات البحث وإنقاذ العالقين تحت الأنقاض في المناطق المتضررة

وهي المرحلة التي كانت متعلقة بعمليات البحث والإنقاذ، إذ وصلت فرق الدفاع المدني السوري إلى أولى مواقع العمليات بعد نحو 7 دقائق من حصول الزلزال لتبدأ بعدها عمليات البحث والإنقاذ في بقعة جغرافية واسعة شملت 182 موقعاً ضمن 60 مجتمعاً فيها أكثر من 580 مبنى مهدم كلياً وأكثر من 1578 مبنى تهدم بشكل جزئي. واستطاع متطوعو الدفاع المدني السوري إنقاذ 2950 شخصاً من تحت الأنقاض بينما انتشلوا 2172 ضحية للزلزال.

كما استجاب متطوعو الدفاع المدني السوري لزلزالين آخرين - بلغت شدة الأول 6.4 والثاني 5.8 - اللذين ضربا هاتاي التركية بتاريخ 20 شباط وشعر به الأهالي في شمال غربي سوريا حيث نقلت فرق الإسعاف التابعة للدفاع المدني السوري أكثر من 180 شخصًا يعانون من كسور وكدمات وإغماء وخوف وذعر نتيجة الزلزالين واللذين سببا أيضاً انهيار عدد من الجدران والمباني المتصدعة في المناطق التي ضربها الزلزال السابق.

وشارك في هذه العمليات أكثر من 3000 من كوادر الخوذ البيضاء منهم 2500 متطوع و 300 متطوعة و 200 موظف إداري، مع تعبئة كاملة للآليات الثقيلة والمعدات اللازمة ، بالإضافة إلى استئجار عدد من الآليات الثقيلة من الأسواق المحلية.

كما عززت مساهمة المدنيين وسكان المناطق المتضررة من قدرة الدفاع المدني السوري على الاستجابة بشكل أفضل في ضوء التقاعس الدولي وتأخير وصول المساعدات الأممية، التي كان من المفترض أن تصل بعد الكارثة بشكل عاجل وفوري للمساعدة في إنقاذ العالقين تحت الأنقاض.

المرحلة الثانية: فتح الطرق وإزالة الأسقف والجدران المعرضة للانهيار للحفاظ على أرواح المدنيين وتسهيل عمليات الاستجابة للطوارئ.

بعد الانتهاء من عمليات البحث والإنقاذ باشرت فرق الدفاع المدني السوري مباشرة بالمرحلة الثانية من استجابتها لكارثة الزلزال في شمال غربي سوريا، وضمن هذهِ المرحلة قامت الفرق المعنية بعمليات رفع الأنقاض وفتح الطرقات وإزالة الأسقف والجدران المعرضة للانهيار وتأمين الأبنية المتضررة للحفاظ على أرواح المدنيين وتسهيل عمليات الاستجابة للطوارئ.

وتم في هذهِ المرحلة رصف وتعبيد 150,033 متراً مربعاً من الأراضي وفرشها بالحصى لإنشاء مخيمات ومراكز إيواء جماعية لمنكوبي الزلزال ضمن 151 تجمعاً، وفتح طرق بطول 96711 متر ضمن 157 مجتمع، إضافةً إلى هدم الجدران والأسقف المتداعية في 79 مجتمعًا محليًا لضمان سلامة المدنيين في أعقاب الزلزال.

المرحلة الثالثة: رفع الأنقاض والتعافي وإعادة التأهيل.

أعلن الدفاع المدني السوري في التاسع من آذار عن خطة عمل شاملة لإزالة الأنقاض على نطاق جغرافي تشمل جميع المدن والبلدات المنكوبة في شمال غربي سوريا وبالتعاون مع الإدارات المحلية بما يحفظ حقوق مالكي العقارات المهدمة وممتلكاتهم.

شكّلت الخطة الشاملة التي أعلن عنها الدفاع المدني السوري لإزالة الأنقاض خطوة حاسمة ومهمة في مساعدة المجتمعات المنكوبة على التعافي من الدمار الذي خلفه الزلزال، كما تساهم هذهِ الخطوة في إصلاح البنية التحتية الأساسية والمباني والمرافق العامة المتضررة في محاولة لإعادة الحياة إلى المناطق المتضررة وتسهيل عودة المدنيين إلى حياتهم الطبيعية في أقرب وقت ممكن.

وقام متطوعو المؤسسة في الفترة بين الـ 6 من شباط والـ 16 من نيسان بتنفيذ 18.063 عملية منها ما يتعلق بالزلازل، وشملت تلك العمليات إزالة أكثر من 332,735 متر مكعب من الأنقاض ضمن 106 مجتمعا، حيث من المتوقع أن يتجاوز إجمالي كمية الأنقاض التي يجب إزالتها 350،000 متر مكعب.

كما تضمنت العمليات خدمات لوجستية عامة تساهم في تعزيز صمود المجتمع المحلي، بما في ذلك المساعدة في إنشاء وتجهيز المخيمات المؤقتة والملاجئ الجماعية للنازحين بعد الزلزال، بالتوازي مع تكثيف أعمال الصرف الصحي في محاولة لتجنب كارثة تلوح في الأفق مع خطر زيادة انتشار الكوليرا في شمال غربي سوريا، والمساعدة في إعادة تأهيل شبكات الصرف الصحي وإزالة القمامة وتحسين إمدادات المياه.

الاستجابات والخدمات العامة

تزامنت عمليات البحث والإنقاذ بعد كارثة الزلزال مع العديد من الحوادث والطوارئ التي تتطلب تدخل واستجابة من الدفاع المدني السوري في، حيث أنه المؤسسة الوحيدة التي تنفذ هذا النوع من العمليات الخطرة، فقد أخمدت فرق الإطفاء، 309 حريقًا في 92 مجتمعًا بين الـ 6 من شباط والـ 16 من نيسان، كما استجاب متطوعو الدفاع المدني السوري في الفترة نفسها لـ 183 حادث مروري في 86 مجتمعًا، إضافةً إلى 88 هجومًا عسكريًا من قبل نظام الأسد وروسيا.

ولم تمنع استجابة الزلزال، ولاحقاً الأعمال المتعلقة بهِ، فرق الدفاع المدني السوري من تقديم خدماتها الاعتيادية، كالإسعاف والمتابعة الصحية في مراكز النساء والأسرة، حيث قدم نظام الإسعاف التابع للدفاع المدني السوري خدمات صحية لنحو 20634 مريضاً، من بينهم 9743 امرأة و 2626 طفلاً، وشملت الخدمات المقدمة نقل مرضى غسيل الكلى وحالات الطوارئ الطبية الداخلية والإصابات والكدمات، بالإضافة إلى إعادة المرضى إلى منازلهم في الحالات التي تتطلب هذه الخدمة.

كما وقدمت مراكز النساء والأسرة الفحوصات والاستشارات الصحية لـ 26196 مريضاً، من بينهم 17566 امرأة و 6080 طفلاً. وشملت الخدمات الصحية التي تقدمها هذه المراكز الصحة الإنجابية، والإسعافات الأولية، وفحص الأمراض غير المعدية، ومتابعة العلاج.

أنشطة التوعية

تعتبر نشاطات التوعية من أهم الأعمال التي يقوم بها فرق الدفاع المدني السوري في شمال غربي سوريا، وتوفر هذهِ الأنشطة سبل الحماية للأفراد سواءً من مخلفات الحرب أو الأمراض المعدية أو الكوارث الطبيعية، وخلال فترة الاستجابة للزلزال واصل متطوعو الدفاع المدني السوري حملات التوعية بمجالاتها المختلفة منها ما يشمل التوعية الصحية ومنها ما يشمل التوعية حول كيفية التصرف عند حدوث الكوارث إلى جانب حملات التوعية ضد مخلفات الحرب.

ونظم متطوعو الدفاع المدني السوري في الفترة بين الـ 6 من شباط والـ 16 من نيسان 2224 نشاطا توعويا لـ 176494 مستفيداً منهم 156993 طفلا و 9802 امرأة، وركزت الأنشطة على الوقاية من الكوليرا من خلال التوعية بالنظافة العامة ونظافة الطعام ومياه الشرب والوقاية من الأنفلونزا والوقاية من الربو والحصبة، بالإضافة إلى الإخلاء الآمن أثناء الزلازل.

ومع انقضاء 90 يوماً على كارثة الزلزال تواصل فرق الدفاع المدني السوري أعمالها على كافة الأصعدة حتى يتمكن الأهالي في المناطق المنكوبة في شمال غربي سوريا من العودة إلى حياتهم الطبيعية ورأب فجوة الاحتياجات الإنسانية التي خلفها الزلزال والتعافي من جراح الزلزال المدمر، كما لم تتوقف المؤسسة عن الاستجابة للطوارئ وتقديم الخدمات للسوريين في شمال غربي سوريا كي تخفف عنهم مآسي 12 عاماً من حرب النظام وروسيا عليهم.