في اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام ... آلاف الألغام والذخائر غير المنفجرة تهدد المدنيين في سوريا

أزالت الفرق المتخصصة بالدفاع المدني 1243 جسماً قابلا للانفجار من مخلفات الحرب منذ 1 كانون الثاني 2019 حتى نهاية شهر آذار بينها 986 قنبلة عنقودية

لا يقتصر خطر العمليات العسكرية وقصف النظام وحليفه الروسي على الأثر المباشر واللحظي الذي ينجم عنها وما يرافقه من قتل وجرح للمدنيين وتدمير للبنية التحتية، بل إن خطرها يمتد ويبقى لأمد طويل، فأي قذيفة أو صاروخ لم ينفجر، سيكون بمثابة قنبلة موقوتة قد تنفجر بأية لحظة وتسبب كارثة إن لم يتم التعامل معها قبل فوات الأوان.

ولاتزال أعداد كبيرة من الذخائر غير المنفجرة والألغام موجودة بين منازل المدنيين، وفي الأراضي الزراعية وفي أماكن لعب الأطفال، ناجمة عن قصف ممنهج للنظام استمر على مدى سنوات، وستبقى قابلة للانفجار لسنوات أو حتى لعقود قادمة، ومع وجود تلك الذخائر وانتشارها في جميع أنحاء سوريا، ستستمر الخسائر لفترة طويلة حتى في حال انتهاء الحرب.

آلاف الذخائر غير المنفجرة في الشمال السوري

استخدم النظام وحليفه الروسي في الحملة العسكرية على الشمال السوري التي امتدت من 26 شهر نيسان من عام 2019 حتى 6 أذار 2020 عشرات آلاف القذائف، ووثق الدفاع المدني سقوط أكثر من 117,515 مقذوفاً مختلفاً تم إطلاقها من قبل طائرات روسيا والنظام ، من بينها 15,642 غارة جوية، 541 هجوم بالقنابل العنقودية المحرمة دولياً والتي تتراوح نسبة ما لا تنفجر منها بين 10 و40% ، بالإضافة لأكثر من 5,982 برميل متفجر تم إلقاؤه من قبل مروحيات النظام، ويوجد عدد كبير من تلك القذائف والألغام لم ينفجر وتهدد المدنيين في الشمال السوري، وخاصة في مناطق التماس و المناطق التي شهدت قصفاً مكثفاً خلال الفترة الماضية، وهي موزعة على الأراضي الزراعية والأحياء السكنية.

آثار الذخائر غير المنفجرة

حصدت الألغام والذخائر غير المنفجرة على مدى السنوات الماضية مئات الضحايا من المدنيين ولايزال المدنيون يتعرضون لمخاطرها بكافة مناطق سوريا، إلا الشمال السوري يعتبر المنطقة الأكثر خلال هذه الفترة خطر جراء استمرار المعارك وقصف النظام المستمر.

وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها أنَّ ما لا يقل عن 357 مدنياً بينهم 107 طفلاً و31 سيدة (أنثى بالغة) قتلوا إثر انفجار ذخائر فرعية تعود إلى هجمات سابقة بذخائر عنقودي،من تموز 2012 حتى شباط 2020 ، وهذا الرقم يتضمن فقط من قتل بانفجار قنابل عنقودية من مخلفات قصف النظام وروسيا، ولم يتضمن باقي الضحايا الذين سقطوا بإنفجار الألغام والذخائر الأخرى، في حين تكون إصابات الذخائر والألغام شديدة التأثير وغالباً ما تؤدي إلى حالات بتر وهو ما يفاقم مأساة المدنيين وخاصة الأطفال منهم الذين يكونون يشكلون العدد الأكبر من ضحايا تلك الذخائر غير المنفجرة والألغام.

جهود الدفاع المدني لإزالة الذخائر غير المنفجرة

أزالت الفرق المتخصصة بالدفاع المدني والمؤلفة من 64 متطوع إزالة و 16 متطوع في عمليات المسح، 1243 جسماً قابلا للانفجار من مخلفات الحرب منذ 1 كانون الثاني 2019 حتى نهاية شهر آذار بينها 986 قنبلة عنقودية في 89 قرية وبلدة، في حين لاتزال 79 منطقة تنتشر فيها الذخائر غير المنفجرة في الشمال السوري، كما أجرت عمليات مسح لـ 89 منطقة.

وخسر الدفاع المدني 3 من متطوعيه العام الماضي من فرق الذخائر المنفجرة، أثناء أداء مهامهم، في إزالة مخلفات قصف النظام وحليفه الروسي.

ولا يقتصر عمل الدفاع المدني على إزالة الذخائر غير المنفجرة بل يعمل على توعية المدنيين من مخاطرها وتم تنفيذ 438 جلسة توعية من قبل فرق الإزالة المختصة منذ بداية عام 2019 حتى نهاية شهر آذار الماضي و استهدفت كافة شرائح المجتمع، وتعتبر عملية التوعية مهمة لتجنيب المدنيين مآسي جديدة وخاصة من خطر القنابل العنقودية التي تشكل الخطر لصغر حجمها وانتشارها على مساحات واسعة في الشمال السوري.

وتهدد الألغام والذخائر غير المنفجرة حياة المدنيين بشكل كبير وخطير في سوريا، بحسب المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، كما تمنع الألغام والذخائر غير المنفجرة، وفق الأمم المتحدة، السكان من “العودة إلى منازلهم وإزالة الأنقاض وإعادة تأهيل وزرع أراضيهم، كما أنّها تؤذي الأطفال الذين لا يتمكنون من اللعب بأمان والذهاب إلى مدارسهم في ظروف جيدة”.

ماهو اليوم الدولي للتوعية بالألغام

أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بتاريخ 8 كانون الأول 2005، يوم 4 نيسان من كل عام رسميا اليوم الدولي للتوعية بالألغام والمساعدة في الأعمال المتعلقة بالألغام.

ودعت إلى استمرار الجهود التي تبذلها الدول، بمساعدة من الأمم المتحدة والمنظمات ذات الصلة المشاركة في الأعمال المتعلقة بالألغام وتشجيع بناء قدرات وطنية وتطويرها في مجال الأعمال المتعلقة بالألغام في البلدان التي تشكل فيها الألغام والمخلفات المنفجرة للحرب تهديداً خطيراً على سلامة السكان.

وكشف تقرير الحملة الدولية لحظر الألغام لعام 2019، أن أكثر من 3 آلاف شخص لقوا حتفهم، وأصيب نحو 3800 آخرين عام 2019، و معظم الخسائر البشرية وقعت في أفغانستان ومالي وميانمار ونيجيريا وسوريا وأوكرانيا.

النظام رفض التوقيع على إتفاقية أتاوا

رفض النظام التوقيع على إتفاقية أتاوا 1997 التي تفرض حظرا شاملا على الألغام المضادة للأفراد، وتقضي بتدميرها سواء أكانت مخزنة أم مزروعة في الأرض، ووقعت على المعاهدة 123 دولة، وعارضتها 38 دولة بينها روسيا والصين، وتم إستكمال اتفاقية أوتاوا باتفاقية أوسلو المعتمدة في عام 2008 بشأن الذخائر العنقودية وتحريم استخدامها.

إن استمرار النظام السوري وحليفه الروسي في استخدام الألغام والذخائر العنقودية في الشمال السوري هو سياسة ممنهجة تهدف لإحداث أكبر ضرر ممكن على السكان وخاصة أن تلك الذخائر غالباً ما يكون ضحاياها من الأطفال، كما تهدف أيضاً لمنع النازحين من العودة إلى منازلهم وزراعة أراضيهم، وهو أحد أساليب الحرب التي تمارس بحق السوريين منذ عام 2011.

إن على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ومجلس الأمن إلزام النظام وحليفه الروسي بالكف عن استخدام الأسلحة المحرمة دولياً وغيرها من الأسلحة في قتل السوريين، وإيجاد أفضل الوسائل لإلزام النظام بتدمير مخزونه من الألغام والانضمام إلى معاهدة حظر استخدام الذخائر العنقودية، ومطالبته بنشر خرائط تفصيلية بالمواقع التي زرع فيها الألغام للعمل على إزالتها.