بعد نحو شهر من وقف إطلاق النار في الشمال السوري عودة محدودة للنازحين
يقدر عدد النازحين العائدين منذ 6 آذار الماضي حتى الخميس 2 نيسان بنحو 66 ألف مدني
لا تزال عودة النازحين في الشمال السوري، إلى مناطقهم في ريفي إدلب وحلب التي هجرهم منها النظام وحليفه الروسي خلال الحملة العسكرية الأخيرة محدودة ولا تتجاوز 7 % من إجمالي عدد النازحين رغم مرور نحو شهر على وقف إطلاق النار الذي بدأ تطبيقه في 6 آذار الماضي.
ويقدر عدد النازحين العائدين منذ 6 آذار الماضي حتى أمس الخميس 2 نيسان بنحو 66 ألف مدني منهم 29 ألفاً عادوا إلى ريف حلب، و37 ألفاً عادوا إلى ريف إدلب بحسب احصاءات فريق منسقي استجابة سوريا، من أصل أكثر من مليون هُجّروا منذ شهر تشرين حتى وقف إطلاق النار الأخير.
خرْق النظام لوقف إطلاق النار
بالرغم من وجود عدة أسباب تشكل معاً عوائق أمام عودة النازحين إلى مدنهم وقراهم إلا أن العائق الأكبر أمام عودتهم هو خوفهم من الاستهداف المتعمد من قبل النظام في ظل عدم وجود ضمانات حقيقية لسلامة العائدين، ووثق الدفاع المدني استهداف قوات النظام لعدة بلدات بريفي إدلب الجنوبي وحماة الغربي بأكثر من أربعين قذيفة مدفعية وصاروخية منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 6 أذار حتى 1 نيسان ، في الوقت الذي لم يتوقف فيه النظام عن التهديد المستمر باقتحام المنطقة عسكرياً معتبراً أن وقف إطلاق النار "مؤقت".
وعلى مدى السنوات الماضية لم يلتزم النظام وحليفه الروسي بالاتفاقيات المتعلقة بوقف إطلاق النار، و استهدفوا نازحين عادوا لقراهم ومنازلهم ما أدى لسقوط قتلى وجرحى في صفوفهم، وأخر تلك الاتفاقات التي خرقها النظام وحليفه كانت بـ 9 كانون الثاني الماضي، وهو اتفاق جاء بعد خرق النظام للاتفاق الموقع في 31 آب من العام الماضي.
عودة شبه معدومة للمناطق الواقعة جنوبي طريق اللاذقية حلب
تنخفض نسبة النازحين العائدين إلى القرى والبلدات التي تقع جنوبي طريق اللاذقية حلب المعروف بـ (M4)، بريف إدلب الجنوبي والتي تضم قرى جبل الزاوية وجبل الأربعين، بسبب الغموض الذي لا يزال يلف مصير المنطقة، وخوف المدنيين من سيطرة النظام وحليفه الروسي عليها، وهو ما يمنع أي استقرار فيها خلال الفترة الحالية ويمنع أي نشاط.
الذخائر غير المنفجرة
إن وجود الألغام والذخائر غير المنفجرة سبب رئيس يمنع المدنيين من العودة إلى منازلهم وخاصة في مناطق التماس أو التي حصل تبادل سيطرة عليها، لاسيما خلال الحملة الأخيرة والتي استخدم فيها النظام وحليفه الروسي أعداداً كبيرة من القذائف بينها قنابل عنقودية وهي التي تحمل الخطر الأكبر لارتفاع نسبة القنابل التي لا تنفجر مباشرة، وتتحول لقنابل موقوتة بين الأحياء السكنية والأراضي الزراعية.
وأزال الدفاع المدني 1243 جسماً قابلا للانفجار من مخلفات الحرب منذ 1 كانون الثاني 2019 حتى نهاية شهر آذار بينها 986 قنبلة عنقودية في 89 قرية وبلدة، في حين لاتزال 79 منطقة تنتشر فيها الذخائر غير المنفجرة في الشمال السوري.
وتهدد الألغام والذخائر غير المنفجرة حياة المدنيين بشكل كبير وخطير في سوريا، بحسب المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، كما تمنع الألغام والذخائر غير المنفجرة، وفق الأمم المتحدة، السكان من “العودة إلى منازلهم وإزالة الأنقاض وإعادة تأهيل وزرع أراضيهم، كما أنّها تؤذي الأطفال الذين لا يتمكنون من اللعب بأمان والذهاب إلى مدارسهم في ظروف جيدة”.
غياب الخدمات ووجود الأبنية المتصدعة
وثقت فرق الدفاع المدني سقوط أكثر من 117,515 مقذوفاً مختلفاً تم إطلاقه من قبل طائرات روسيا والنظام ومدفعيته وراجمات الصواريخ على الشمال السوري منذ 26 نيسان من عام 2019 حتى 6 آذار 2010، من بينها 15,642 غارة جوية، 541 هجوم بالقنابل العنقودية المحرمة دولياً، بالإضافة لأكثر من 5,982 برميلاً متفجراً ألقته مروحيات النظام.
وتعرضت أغلب القرى والبلدات على خطوط التماس لتدمير ممنهج من قبل النظام وحليفه الروسي ومسحت بعض المناطق عن الخريطة بشكل كامل، وخاصة المناطق التي سيطر عليها النظام كسراقب ومعرة النعمان وقرى ريف إدلب الجنوبي وبلدات بريفي حلب الجنوبي والغربي، ووثقت فرق الدفاع المدني خلال الحملة العسكرية منذ 26 نيسان 2019 حتى نهاية شباط 2020 استهدف الطيران الروسي وطيران النظام ومدفعيتهم لـ 81 سوقاً شعبياً و60 مشفى ونقطة طبية، و107 مدارس ، و39 معملاً و22 مخبزاً، وأدى هذا الاستهداف الممنهج إلى تدمير الحياة وقدرة السكان على الاستقرار، لغياب الخدمات الأساسية ودمار البنية التحتية.
وأدى الاستهداف لانتشار الأبنية المتصدعة والآيلة للسقوط في عدة مناطق بريفي إدلب وحلب وهو ما يشكل عائقاً يمنع السكان من العودة وخاصة في الأحياء السكنية المتلاصقة، وتعمل فرق الدفاع المدني على تقديم بعض الخدمات وإزالة الردم وفتح الطرقات وخاصة في المناطق التي بدأت تشهد عودة للنازحين.
المناطق التي سيطر عليها النظام وروسيا
سيطر النظام وحليفه الروسي خلال الحملة الأخيرة، على عدة مدن ومناطق أهمها معرة النعمان وسراقب و كفرنبل في ريف إدلب إضافة لبلدات على امتداد طريق دمشق حلب، و مناطق واسعة بريف حلب، وهذه المناطق كانت تؤوي إلى جانب سكانها عدداً كبيراً من النازحين ما سبب أزمة حقيقية وفاقم معاناة المدنيين، ولا يمكن للنازحين العودة مناطقهم التي تسيطر عليها قوات النظام بسبب الاعتقال والموت الذي ينتظرهم، ولا بد هنا من التذكير أن المعابر التي روج لها النظام لخروج المدنيين الى مناطق سيطرته لم تشهد أي عبور للمدنيين بسبب معرفتهم بالمصير الذي ينتظرهم.
إن عودة النازحين الذين تسبب بتهجيرهم النظام وحليفه الروسي والبالغ عددهم نحو مليون مدني منذ شهر تشرين الثاني الماضي، إلى بلداتهم وقراهم يخفف من معاناتهم و يؤدي لتحسن نسبي بأوضاع المخيمات التي تعاني اكتظاظاً كبيراً بعد موجة النزوح الأخيرة، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على حياة أكثر من مليون ونصف مليون مدني يعيشون فيها في حال وصول فيروس كورونا إليهم.
إن العالم مطالب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بالضغط على النظام وحليفه الروسي لوقف العمليات العسكرية بشكل نهائي والسماح بعودة النازحين، وإنهاء معاناة مئات آلاف المدنيين وتجنيبهم كارثة جديدة قد تطالهم في حال انتشار فيروس كورونا، إضافة لتقديم الدعم الإنساني للمدنيين وتقديم الخدمات الأساسية ودعم القطاع الطبي ما يساعد على الوقاية من الفيروس.