في اليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات... المساءلة وعدم الإفلات من العقاب الخطوات الأهم لحماية التعليم
"
الاستهداف الممنهج للمدارس والمرافق التعليمية ما هو إلا وجهٌ آخر لحرب النظام وروسيا على السوريين في حاضرهم ومستقبلهم.
دأبَ نظام الأسد وروسيا، طوال سنوات حربهم على السوريين، على استهداف المرافق العامة والمؤسسات الخدمية من مختلف القطاعات دون أي رادعٍ أو التزامٍ بالقوانين والمواثيق الدولية، وتأتي المؤسسات التعليمية والمدارس على رأسِ تلك المؤسسات التي كانت هدفاً لقنابل وصواريخ النظام وروسيا خلال الـ13 سنة الماضية، وهو ما يُثبت إصرار النظام وحلفائه على حرمان السوريين من مستقبلهم كما حرموهم من ماضيهم وحاضرهم.
وقد أثقلت سنوات الحرب كاهل القطاع التعليمي نظراً للاستهداف الممنهج والمستمر للمرافق التعليمية والمدارس من قبل النظام وروسيا، وهو ما أبعد آلاف الأطفال عن المدارس، وحرمتهم من التعليم، لتحكم بالغموض على مستقبل جيلٍ كامل، ومعه مستقبل سوريا بأكملها.
المدارس أهدافاً للنظام وروسيا
استمرت قوات النظام وروسيا في استهداف المؤسسات التعليمية والمدارس في مناطق شمال غربي سوريا خلال العام الحالي، الذي شهدَ 8 استهدافات ممنهجة للمدارس، بينها قصفٌ جوي روسي استهدفَ مدرسة الثانوية المهنية الصناعية، وهي خارجة عن الخدمة، في مدينة جسر الشغور غربي إدلب مساء الـ 10 تموز.
كما استهدفت قوات النظام بالمدفعية والصواريخ وحتى بالمسيّرات المدارس من مختلف المراحل التعليمية في مدن، وبلدات، وقرى إدلب، وسرمين، وطعوم، وكتيان، والبارة، والنيرب، مصيبين، ابلين الشرقية، هذهِ الاستهدافات وإن لم تُسبب إصابات بين الطلاب والكوادر التعليمية، حيث جرت الاستهدافات المذكورة إما خارج أوقات الدوام، أو في أيام العطل، أو تم استهدفت مدارس خارج الخدمة، إلّا أنها زادت من ضعف البنية التحتية للقطاع التعليمي الهش مسبقاً بسبب حملات القصف السابقة.
وكان العام الماضي قد شهدَ أرقاماً مرتفعة لاستهداف النظام وروسيا للمدارس في شمال غربي سوريا، حيث تم استهداف 29 مدرسة، منها الاستهداف بالقصف المدفعي لمدرسة الشهداء في بلدة آفس شرقي إدلب في الـ 2 كانون الأول الماضي، خلال فترة الدوام الرسمي للطلاب في المدرسة، وأدى القصف حينها إلى إصابة معلمة و3 أطفال، ولا حقاً توفيت المعلمة ""رانيا محيميد"" والطفل ""إبراهيم فريد المصطفى"" اللذان أصيبا في القصف المذكور.
كما أدت الهجمات المتكررة على المدارس إلى تعطيل التعليم سواء في فترات زمنية أو في أماكن جغرافية، إذ أغلقت العديد من المدارس أبوابها، وتعمل أخرى في خوف دائم، ما أدى إلى تراجع كبير في معدلات الحضور وانخفاض جودة التعليم.
وتسببت العمليات العسكرية والقصف الممنهج من قبل قوات النظام وروسيا روسيا، بتضرر آلاف المدارس منذ عام 2011،، وقد استجاب الدفاع المدني السوري منذ عام 2019 حتى الآن لـ 172 هجوماً شنها نظام الأسد وروسيا استهدفت مدارس ومنشآت تعليمية في شمال غربي سوريا، وكانت الهجمات موزعة على 89 هجوماً في عام 2019، و40 هجوماً في 2020، و 7 هجمات عام 2021، وهجومان في عام 2022، و29 هجوماً في عام 2023 ، وبلغ عدد الهجمات على المدارس في شمال غربي سوريا من بداية العام الحالي 2024 حتى 5 أيلول 8 هجمات.
قصف المدارس وجه آخر للحرب
وبالنظر إلى التوزع الجغرافي للمدارس المستهدفة خلال العام الماضي والعام الحالي، يمكن القول إن قوات النظام وروسيا استهدفت المدارس التي نجت من الزلزال أو لم تتأثر بهِ، بمعنى أخر فإن المدارس التي لم تتأثر بالزلزال باتت عرضة لحملات القصف الممنهجة من قبل قوات النظام وروسيا، وهو ما يُظهر مرة أخرى أن الاستهداف الممنهج للمدارس والمرافق التعليمية ما هو إلا وجهٌ آخر لحرب النظام وروسيا على السوريين في حاضرهم ومستقبلهم.
دور الخوذ البيضاء في حماية التعليم
يساهم الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في حماية العملية التعليمية في شمال غربي سوريا عبرَ عددٍ من الإجراءات التي تسعى لتأمين سلامة الطلاب والكادر التعليمي، ومنها تركيب أجهزة الإنذار الضوئي وحتم تركيب أجهزة في 93 مدرسة في شمال غربي سوريا، والتي تعطي تحذيرات مبكرة في حال احتمال تعرض هذه المدارس للغارات الجوية، إضافة تنظيم جلسات توعوية وإقامة فرضيات لتدريب الطلاب والكوادر التعليمية على الإخلاء الآمن في حالات القصف والكوارث، والحفاظ على سلامة الطلاب.
بينما يُعتبر عمل فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة في الدفاع المدني السوري ضمن المدارس والمرافق التعليمية من أهم الأعمال التي تقوم بها الخوذ البيضاء في إطار جهوده لحماية القطاع التعليمي في شمال غربي سوريا، حيث تقوم الفرق بعمليات مسح ضمن المدارس في المناطق التي تتعرض للقصف للتأكد من خلوها من أي مخلفات قبل بدء العام الدراسي كما تقوم بجلسات توعية للطلاب وللكادر التعليمي بمخاطر مخلفات الحرب وطرق التصرف السليم في حال مشاهدة أي جسم غريب.
كما تحاول الخوذ البيضاء دعم العملية التعليمية في شمال غربي سوريا عبر أعمالها بطرق شتى، منها إعادة بناء وترميم المدارس التي تضررت بسبب الزلزال وحملات القصف الممنهجة لقوات النظام وروسيا، أو تجهيز المدارس لفترة الإمتحانات والتواجد في المراكز الامتحانية خلال تلك الفترة للتدخل حال حصول أي طارئ.
مرح دمى العرائس التوعوي
أطلق الدفاع المدني السوري طريقة مبتكرة لتعزيز التوعية والتثقيف، من خلال مشروع ""مسرح الدمى التوعوي"" بالتعاون مع مؤسسة ""ناجون""، والذي يتم تنفيذهُ عبرَ فرق جوالة في المدارس والمخيمات وفي الحدائق، ويأتي موضوع ""التوعية حول عمالة الأطفال والتسرب المدرسي وأهمية العلم"" ضمن أهم المواضيع التي يتناولها المشروع ويسعى إلى نشر الوعي والمعرفة حولها.
لا يمكن أن يبقى قتل الأطفال وتدمير مستقبلهم أمراً عادياً لا يلتفت إليه المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة، إن إفلات نظام الأسد من العقاب هو ما جعله يمعن أكثر في الاستمرار بجرائمه وتطوير أسلحته واستخدام أسلحة دقيقة بما لا يترك مجالاً للشك بأن هجماته متعمدة والهدف منها هو قتل المدنيين وخاصة الأطفال وترهيبهم.
وينبغي على المجتمع الدولي وضع حد للهجمات القاتلة على الأطفال وحمايتهم ومحاسبة من ارتكب الجرائم ومنع الإفلات من العقاب لأنها الخطوات الأهم نحو حماية التعليم، وبذل كل الجهد لدعم الأطفال لاستعادة مستقبلهم لأنهم الضامن الوحيد لمستقبل سوريا.
"
No related posts yet
Please check back soon!