الدفاع المدني السوري يبدأ بمشروعٍ لإزالة أنقاض في ثلاثة أحياء بمدينة حلب
تسببت الحرب الوحشية المدمرة التي شنها نظام الأسد وروسيا والمليشيات العابرة للحدود على السوريين على مدى نحو 14 عاماً في دمار كبير في سوريا، وأدى القصف الممنهج وسياسة الأرض المحروقة إلى مسح مدن كاملة على الخارطة، وقرى وبلدات لم يعد لها وجود، وما عجزت عن تدميره البراميل المتفجرة والغارات الجوية والصواريخ تم تفخيخه وتجريفه.
ودُمرت عشرات آلاف المباني والمرافق العامة في حلب ودير الزور والرقة والحسكة وإدلب وحماة واللاذقية وفي حمص وريف دمشق وأحياء بمدينة دمشق وفي السويداء و درعا.
وخلفت الحرب تداعيات كارثية على جميع القطاعات العمرانية والصناعية والزراعية والبنية التحتية والصحة والتعليم والطرقات في سوريا.
حلب من أكثر المدن دماراً في سوريا
ويكشف تحليل ضمن تقرير التقييم المشترك للأضرار في سوريا لعام 2022 ، الذي أجرته مجموعة البنك الدولي بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي حجم الأضرار في المدن السورية، ويشير إلى أن مدينة حلب تعرضت للقدر الأكبر من الضرر (حوالي 60% من المدينة مدمرة وريفها حوالي 50%) في قطاعات الكهرباء والصحة والنقل والإسكان.
الدمار في أحياء مدينة حلب الشرقية:
إذ تعرضت مدينة حلب وريفها (كباقي المناطق السورية التي كانت منتفضة ضد نظام الأسد)لقصف ممنهج من قبل نظام الأسد وروسيا وإيران، منذ عام 2012 وحتى عام 2016، ولحق دمار كبير في البنية التحتية والمنازل والأسواق و أصبحت حلب والريف المحيط بها، والتي كانت ذات يوم أكبر مدينة في سوريا ومركزاً للثقافة والتجارة، مدينة شبه مدمرة.
الأحياء الشرقية الأكثر تضرراً
الأحياء الشرقية في المدينة هي الأكثر تضرراً بعد أن تعرضت لغارات جوية وقصف مدفعي وصاروخي وهجمات وحشية بالبراميل المتفجرة وزاد التدخل الروسي عام 2015 من طبيعة وحجم التدمير، حيث تضررت أو دمرت أكثر من 85٪ من البنية التحتية بحلول عام 2018، وعانى السكان في هذه المناطق من نقص طويل الأمد في الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والرعاية الطبية، مما زاد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
خريطة من إعداد الفريق الهندسي في الخوذ البيضاء توضح الأحياء المدمرة في مدينة حلب ونسب الدمار فيها.
مشروع إزالة الأنقاض في أحياء (الشعار – قاضي عسكر – كرم حومد) بمدينة حلب
أطلق برنامج تعزيز المرونة المجتمعية في مؤسسة الدفاع المدني السوري مشروعاً لإزالة الأنقاض من ثلاثة أحياء في المدينة كمرحلة أولى، ويهدف المشروع إلى تقدير حجم الأنقاض على مستوى مدينة حلب بالمشاركة والتعاون المحافظة ومديرية الخدمات والمجلس البلدي، وإزالة وترحيل الأنقاض من المناطق المتضررة وفقاً للحقوق الملكية للأراضي والعقارات و وفقاً لمعايير السلامة المهنية أثناء العمل.
الإطار المكاني والزماني للمشروع
يشمل مشروع إزالة الأنقاض في هذه المرحلة ثلاثة أحياء هي (الشعار – قاضي عسكر – كرم حومد)
ويمتد العمل في هذه المرحلة على خمسة أشهر تبدأ من شهر شباط وتنتهي في شهر حزيران من العام الحالي.
وتم اختيار هذه الأحياء الثلاثة بالتنسيق مع مجلس المحافظة بناء على عدد السكان ونسبة الدمار بهذه الأحياء التي تتناسب مع القدرات الحالية والأولوية و الحصول الموافقات القانونية لوجود نسبة كبيرة من الدمار في هذه الأحياء تعود لمرافق عامة وأبنية حكومي، (الموافقات القانونية المرتبطة بالأملاك الخاصة تحتاج لوقت أكبر في ظل الواقع الحالي ووجود جزء من ملاك العقارات خارج سوريا، وقضايا الإرث والبيوع وغيرها) ويجري العمل مستقبلاً على مشاريع أخرى لتشمل الأحياء المتضررة في المدينة.
الأثر من التدخل
إن استعادة البنية التحتية تبدأ بإزالة الأنقاض وهي الخطوة الأولى في إعادة بناء البنية الأساسية للمدينة، بما في ذلك الطرق والمرافق (الكهرباء والمياه والصرف الصحي) وشبكات النقل، وبدون إزالة الأنقاض، يكاد يكون من المستحيل البدء في إعادة بناء المنازل والمستشفيات والمدارس وغيرها من المباني العامة الحيوية.
الفوائد الصحية: إن إزالة الأجزاء الآيلة للسقوط ومخاطرها تحمي السكان المحليين جراء أي احتمالية لوجود تصدعات أو تشققات في عن الهياكل غير المستقرة التي يمكن أن تسبب الضرر والأذى للسكان المحليين أثناء العواصف المطرية و الريحية و من ناحية أخرى، كما إن إزالة الأنقاض تقلل من خطر الإصابات الصحية الناتجة عن وجود الغبار التي تسبب تلوث الهواء و بالإضافة إلى فرص تكاثر القوارض و الحشرات ضمن أكوام الأنقاض المهدمة التي تكون بيئة مناسبة لها.
وتساعد عمليات المسح و إزالة مخلفات الحرب غير المتفجرة قبل العمل على إزالة الأنقاض في حماية المدنيين من فرص الإصابة أو الموت بسبب هذه المخلفات في حال لم يتم التخلص منها وفقاً لمعايير خاصة بها.
الفوائد الاقتصادية: إن إزالة الأنقاض و هدم المنشآت الآيلة للسقوط وإعادة تدوير الأنقاض لإنتاج مواد تساهم في إعادة الأعمار، وهو أمر ضروري للتعافي الاقتصادي، كما أنها تخلق فرص العمل وتحفز الاقتصادات المحلية.
الفوائد البيئية: إن إعادة تدوير الأنقاض وتحويلها إلى مواد بناء يقلل من الحاجة إلى مواد خام جديدة، مما يقلل من التدهور البيئي والانبعاثات وفقاً لمعايير و مواصفات خاصة لمعامل التدوير (المتنقلة و الثابتة).
إعادة بناء المجتمع: يساعد إزالة الأنقاض في استعادة الشعور بالحياة الطبيعة كما يسمح للسكان النازحين بالعودة وإعادة بناء حياتهم.
الرفاهية النفسية: إن رؤية التقدم في عملية التنظيف وإعادة البناء يمكن أن يعزز من الروح المعنوية والصحة العقلية للسكان المتضررين، وبالنسبة للسكان المحليين، فإن وجود الأنقاض هو تذكير يومي بالصدمة والدمار، ويمكن أن يكون لإزالة الأنقاض تأثير نفسي إيجابي، مما يشير إلى بدء إعادة الإعمار والشعور بالأمل في المستقبل، كما يمكن أن يساعد في تخفيف مشاعر النزوح والخسارة.
الموارد المخصصة للمشروع
تعمل الفرق الهندسية و العملياتية في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، بالتنسيق بشكل يومي أثناء مشاريع إدارة الأنقاض للحفاظ على سلامة و أرواح المدنيين عبر فرق إزالة الذخائر الحربية غير المنفجرة، التي تدعم الفرق الهندسية و التقنية قبل التعامل مع الأنقاض، حيث تقوم هذه الفرق بعمل مسح تقني للمواقع التي تعرضت للقصف والاشتباكات حيث تعتبرها أراضي ملوثة و بحاجة إلى التحقق من مخلفات الحرب المتبقية من أجل التخلص منها وفقاً للإجراءات العمل القياسية الخاصة بها، ومن ناحية أخرى، فإنه يتم التحقق من جاهزية كافة الآليات الثقيلة التي تعمل في المشروع بشكل دوري من خلال فرق الصيانة المختصة لضمان استمرارية العمل دون انقطاع وهذا يساعد في الانتهاء من أنشطة المشروع كما هو مخطط له.
الحجم المتوقع من الأنقاض
من المتوقع خلال فترة المشروع، أن يتم ترحيل نحو 40 ألف متر مكعب، وذلك وفقاً للموافقات القانونية للملكية العامة و الخاصة المتوفرة و تقارير لجنة السلامة العامة الصادرة في تحديد عدد المباني التي بحاجة إلى الهدم ضمن الأحياء الثلاثة (الشعار – قاضي عسكر – كرم حومد).
مواقع التخلص من الأنقاض
تم التنسيق و الاتفاق مع مديرية الخدمات ليتم نقل الأنقاض التي تتماثل مع معايير إعادة التدوير إلى مبنى إعادة تدوير الأنقاض في الراموسة للاستفادة منها لتحويلها إلى بلاط و بلوك و رديف للرصيف، أما الركام الممزوج و المختلط مع النفايات العضوية التي لا تصلح لإعادة التدوير فإنه يتم التخلص منها بطريقة سليمة في منطقة عين العصافير.
آلية التنسيق و الحصول على الموافقات القانونية
قبل عام 2011، كانت إدارة مخلفات الهدم والبناء ضعيفة، وتفتقر إلى نهج عملي، وبعد عقد من الدمار الناجم عن الحرب، تفاقمت المشاكل أكثر حيث أصبحت البنية التحتية القانونية والتشغيلية لإدارة الكميات الهائلة من الحطام والأنقاض غير كافية بالإضافة إلى ذلك، فإن المخاوف بشأن ملكية الحطام وتسييل الحطام تسبب المزيد من التداعيات على حقوق السكن والأراضي والممتلكات، كما يرتبط إزالة الحطام بالعودة الآمنة والكريمة للنازحين، حيث أن الحطام، في حد ذاته، يشكل خطراً ومخاطر على الصحة والسلامة تتطلب تطبيق الاحتياطات في إدارته وإزالته، حيث يقوم فرق الدفاع المدني السوري بالتنسيق المتواصل مع مجلس محافظة حلب ومديرية الخدمات لقطاع مواقع العمل بالإضافة إلى مكتب هيئة العمل الإنساني للحصول على الموافقات المطلوبة لإزالة الركام والأنقاض من المهدمة من المباني العامة (منشآت عامة مثل مبنى مديرية المواصلات ) و المرافق التعليمية (مدرسة رابعة العدوية و مدرسة الكفاح) بالإضافة إلى تحديد مواقع التخلص من الأنقاض.
ماهي الخطط لباقي الأحياء في حلب الشرقية
إن إزالة الأنقاض في حلب و المدن السورية جميعاً لها أهمية استراتيجية حيوية على كافة الأصعدة، ولكن يجب القيام بها بعناية لضمان أنها تؤدي إلى التعافي الحقيقي ولا تساهم في خلق مشاكل جديدة في عملية إعادة البناء، لذلك يجب السعي في الحصول على الموافقات القانونية المطلوبة من الجهات الحكومية ذات الصلة، من أجل وضع خطة شاملة للتعامل مع هذه الأنقاض وفقاً للاعتبارات البيئية و الاجتماعية و القانونية و الاقتصادية، حيث تعمل مؤسسة الخوذ البيضاء على رسم خارطة الأولوية لتحديد نسب الدمار و الكميات لاحقاً، لأن معظم الركام و الأنقاض موجودة في موقعها و لم يعمل نظام الأسد على إيجاد الحلول القانونية و العمل على ترحيل الأنقاض من المدن المدمرة.
No related posts yet
Please check back soon!