مخلفات الحرب خلال عام 2023… خطر متزايد بعد تصعيد نظام الأسد وروسيا هجماتهم
تتركز جهود الدفاع المدني السوري على التعامل مع هذا الواقع المؤلم والحفاظ على أرواح المدنيين، عبر إزالة تلك الذخائر وتوعية المدنيين من خطرها، وإن الأعمال المتعلقة بالألغام وإزالة الذخائر غير المنفجرة هي استثمار في الإنسانية.
يواجه السكان في شمال غربي سوريا مخاطر كبيرة بسبب مخلفات الحرب المستمرة منذ 13 عاماً، وخلال عام 2023 كان تصعيد الهجمات من قبل نظام الأسد وروسيا هو الأكبر منذ عام 2020 وشملت هذه الهجمات قصفاً متعمداً وممنهجاً استهدف البيئات المدنية، ما أدى إلى مقتل أكثر من 170 شخصاً وإصابة أكثر من 700 آخرين وإلحاق أضرار بالمرافق الأساسية مثل المستشفيات والمدارس والمساجد والأسواق والمباني السكنية والأراضي الزراعية، ولقد خلفت هذه الهجمات وراءها عدداً كبيراً من الذخائر غير المنفجرة وخاصة أنها كانت بأسلحة محرمة دولياً بما فيها الأسلحة العنقودية، ما يشكل تهديداً خطيراً طويل الأمد على أرواح السكان وعلى سبل عيشهم..
وجاءت هذه المخاطر في وقت ضرب زلزال مدمر شمال غربي سوريا في 6 شباط مخلفاً آلاف الضحايا ودماراً في البنية التحتية، وفاقم احتياجات السكان وأعاد التوزيع السكان من المجتمعات الحضرية المتضررة إلى بيئات نائية ما جعلها تواجه مخاطر إضافية.
استجابة فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة للزلزال
ونظراً لحجم كارثة الزلزال المدمر كان لابد من مشاركة جميع المتطوعين والفرق ومن بينهم فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة (UXO) وهي فرق مدربة على البحث والإنقاذ والاستجابة لحالات الطوارئ، وشاركت جنباً إلى جنب مع الفرق الأخرى في عمليات البحث والإنقاذ خلال الـ 72 ساعة الأولى للكارثة حيث شاركَ أكثر من 3000 من كوادر الخوذ البيضاء.
وعقب الانتهاء من عمليات البحث والإنقاذ، عادت فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة الدفاع المدني السوري إلى القيام بدورها ومهامها الاساسية عبر مشاركة فرق إزالة الأنقاض في تأمين الأماكن المتضررة إلى جانب إجراء المسح غير التقني للأماكن التي أُقيمت فيها مراكز الإيواء المؤقتة لمتضرري الزلزال للتأكد من خلوها من مخلفات الحرب، خاصة في ظل وجودها بمناطق تعرضت سابقاً لقصف النظام وروسيا.
عمل فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة خلال العام الماضي
وبموازاة ذلك، استمرت فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة (UXO) في أعمالها بتطهير شمال غربي سوريا من مخلفات حرب النظام وروسيا على السوريين، وتنوعت أعمال الفرق من عمليات مسح غير تقني وتحديد المناطق الملوثة بمخلفات الحرب إلى جلسات التوعية بتلك المخلفات، وأجرت فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة في الدفاع المدني السوري خلال العام الماضي 1450 عملية مسح غير تقني وقامت خلالها بتحديد 531 منطقة ملوثة بالذخائر، وتم التخلص من 1054 ذخيرة منها 325 ذخيرة عنقودية، و 206 مقذوفاً، و 181 قنابل (رمانات)، و 171 صاروخاً، و 140 قذيفة هاون، و 48 فيوز، و 4 قنابل ملقاة من الجو، و 3 صواريخ موجهة، 3 ألغام أرضية، و مقذوف عديم الارتداد، كما نظمت الفرق 4491 جلسة توعية بمخاطر الذخائر المتفجرة استفاد منها 94630 مدني.
حصاد آمن خالٍ من مخلفات الحرب
وفي الفترة التي أعقبت الزلزال كثفت فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة أعمالها في تطهير المناطق الملوثة بمخلفات الحرب خلال المواسم الزراعية وذلك لحماية المزارعين وتأمين بيئة آمنة لهم أثناء جني محاصيلهم وتجهيز أرضيهم للزراعة، أولى تلك المواسم كانت خلال شهر أيار الماضي حيث يستعد المزارعون لموسم الحصاد وجني المحاصيل الصيفية وفيها نفذت فرقنا 1155 عملية متعلقة بمخلفات الحرب منها 251 عملية مسح تقني و 724 جلسة توعية بمخلفات الحرب وخلال تلك الفترة تم إزالة 180 ذخيرة غير منفجرة.
ثاني المواسم كان في شهر آب حيث يتم جني محصول التين في مناطق ريف إدلب، حيث قامت فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة في الدفاع المدني السوري بأكثر من 700 عملية متعلقة بمخلفات الحرب، منها 141 عملية مسح غير تقني و 482 جلسة توعية بمخلفات الحرب استفاد منها أكثر من 8750 مدني، وتم خلال الفترة المذكورة إزالة أكثر من 80 ذخيرة غير منفجرة، أما الموسم الثالث فكان جني محصول الزيتون وذلك خلال شهر تشرين الثاني، حيث جاء الموسم الماضي بعد حملة قصف للنظام وروسيا الميليشيات الموالية لهم تصعيد هي الأكبر خلال أربع سنوات، وقامت فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة خلال هذا الشهر بأكثر من 640 عملية متعلقة بمخلفات الحرب منها 127 عملية مسح غير تقني و 411 جلسة توعية وتم خلال الشهر إزالة 107 ذخيرة غير منفجرة.
دعم التعليم وحمايته من مخلفات الحرب
ونظراً لأهمية التعليم ودوره الحاسم في بناء المجتمعات المتأثرة بالكوارث والحروب، وسعياً من الدفاع المدني السوري لدعم التعليم وتوفير بيئة آمنة للطلاب، قامت فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة بحملات مكثفة لتطهير مدارس شمال غربي سوريا ومحيطها من مخلفات الحرب لحماية الطلاب من خطرها وشهدت الفترة من 1 أيلول إلى 31 تشرين الأول الماضيين، وهي الفترة التي يعود فيها الطلاب إلى مقاعد الدراسة، قيام فرقنا بأكثر من 1340 عملية متعلقة بمخلفات الحرب منها 264 عملية مسح غير تقني وأكثر من 860 جلسة توعيها استفاد منها أكثر من 19 ألف مدني، وتم خلال الفترة المذكورة إزالة 217 ذخيرة غير منفجرة.
وطهرت فرقنا قبل بدء المدارس 29 مدرسة في ريفي إدلب وحلب، وبعد التصعيد العسكري في تشرين الأول 2023، واجه الأطفال تحديات جديدة في شمال غرب سوريا، وفي 11تشرين الأول تلقت الخوذ البيضاء طلبا للمساعدة من مجموعة التعليم بعد أن أوقفت 16 مدرسة عملياتها بسبب الاشتباه في وجود ذخائر غير منفجرة، وتم مسح هذه المدارس من قبل فرق uxo والتأكد من أن هذه المدارس آمنة وفتحت أبواب التعليم المغلقة مرة أخرى ، تمكن الطلاب والمعلمون من العودة إلى فصولهم الدراسية واستئناف رحلة التعلم.
توعية العمال الإنسانيين
كما كانت التوعية بمخلفات الحرب حاضرة في في إطار الجهود لرفع مستوى الوعي لدى العمال الإنسانيين وتجنيبهم المخاطر خلال قيامهم بواجبهم الإنساني، حيث نظمت فرقنا جلسات تدريب وتوعية في الأمن والسلامة لعدد من المنظمات الإنسانية العاملة في شمال غربي سوريا، من بينها جسات تدريب لـ 100 متدرب/ة من منظمة إحسان للإغاثة والتنمية، إحدى برامج المنتدى السوري، وتضمنت الجلسات ثلاثة محاور، بينها مخاطر مخلفات الحرب، وقامت فرقنا بتدريب مشابه ل لـ 100 متدرب/ة من منظمة PEOPLE IN NEED، العاملين في مكاتب صوران و اعزاز بريف حلب الشمالي، ويضاً قدمت فرقنا التدريبات لمنظمتي WHH و SARD.
الأسلحة المحرمة دولياً وخطرها الطويل
وبينما كان السوريون يواصلون السعي إلى التعافي من آثار الزلزال المدمر، استمرت آلة قتل النظام في سلب أرواحهم، حيث ازدادت وتيرة الاعتداءات العسكرية اعتباراً من شهر آب، وشهد تشرين الأول الماضي أكبر تصعيد من قبل النظام وروسيا والميليشيات الموالية لهم على مناطق شمال غربي سوريا خلال أربع، وخلال هجماته اتبع النظام سياسة ممنهجة هدفها إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا وتقويض الاستقرار وحرمان المدنيين من القيام بأعمالهم اليومية، حيث استخدم الأسلحة المحرمة دولياً في أكثر من هجوم، وهي الأسلحة التي يكون تهديد طويل الأمد على المدنيين نظراً لصعوبة حصر المنطقة الجغرافية الملوثة، وقد أعقبت حملة التصعيد حملات مكثفة من فرق إزالة الذخائر غير المنفجر لتأمين الأماكن التي تعرضت لقصف الأسلحة المحرمة دولياً من قنابل عنقودية وذخائر حارقة وألغام مضادات للأفراد.
و بين 10 تشرين الأول 2023 و31 كانون الأول 2023، أجرت فرق المسح التابعة للخوذ البيضاء 323 تقييما مجتمعيًا وحددت 124 منطقة خطرة مؤكدة نفذت فرق الخوذ البيضاء 272 مهمة تطهير خلال نفس الفترة، وتعاملت مع 274 جسم من الذخائر المنفجرة في هذه العملية، وشملت هذه العناصر 74 ذخيرة صغيرة، و74 صاروخاً، و40 قذيفة، و36 قنبلة يدوية، و33 قذيفة هاون، و15 فتيل، ولغم أرضي، وصاروخ موجه واحد، و تم التخلص من 274 ذخيرة في تسع مناطق شمال غربي سوريا (20 في الباب، 41 في أريحا، 23 في أعزاز، 31 في حارم، 83 في إدلب، وثمانية في جرابلس، و27 في جبل سمعان، و39 في جسر الشغور وذخيرتان في الغاب).
ضحايا مخلفات الحرب
ومع استمرار حرب النظام وتعمّد قواته وروسيا القصف بالقنابل العنقودية والأسلحة الحارقة وغيرها من الذخائر، يعيش السوريون خطراً طويل الأمد على حياة الأجيال القادمة وخاصة الأطفال حيث تشكل هذه المخلفات خطراً كبيراً على حياتهم. ووثقت فرق الدفاع المدني السوري خلال العام الماضي (2023) 24 انفجاراً لمخلفات الحرب في شمال غربي سوريا بينها 17 انفجاراً من مخلفات قصف سابق و 7 انفجارات لألغام أرضية أدت لمقتل 7 أشخاص بينهم 4 أطفال وإصابة 29 آخرين بينهم 19 طفلاً، وامرأتان.
شراكات الدفاع المدني السوري فيما يتعلق بمخلفات الحرب
الدفاع المدني السوري عضواً في الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية والأسلحة العنقودية ICBL-CMC ويشارك في التقرير السنوي التي تصدره الحملة والمعتمد من قبل الأمم المتحدة عبر احصاءات وأرقام بالأعمال المتعلقة بالألغام مع التركيز على العمليات التي تستهدف القنابل العنقودية وتحديد المناطق الملوثة، وتعتبر عضوية المؤسسة في هذه الحملة و كثاني جهة مدنية سورية عضوة في هذه الحملة هام جداً لتسليط الضوء وزيادة تركيز المجتمع الدولي على واقع التلوث الخطير في شمال غرب سوريا.
كما أن الدفاع المدني السوري وبالتعاون مع بعض الشركاء العاملين بهذا المجال في شمال غرب سوريا يعمل على تأسيس مجموعة عمل تقنية تحت مظلة قطاع الحماية في OCHA ومن المتوقع أن تبدأ المجموعة عملها وبقيادة الدفاع المدني مع بداية العام 2024 على أن تكون عملية قيادة المجموعة دورية مع منظمتين اثنتين (كما هو مخطط له).
أصدر مرصد الألغام الأرضية (Mine Action Review) تقريره السنوي، عن استخدام الألغام حول العالم والذي يغطي عام 2022 والنصف الأول من عام 2023، ويعد التقرير بمثابة الأساس للعمل المنتظم للدول الـ 164 الموقعة على اتفاقية أوتاوا لحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد (APMBC) واتفاقية الذخائر العنقودية (CCM).
وكشف التقرير أن سوريا سجلت و للعام الثالث على التوالي، أكبر عدد من الضحايا الجدد للألغام المضادة للأفراد أو مخلفات الحرب القابلة للانفجار، حيث وثق التقرير 834 ضحية في عموم سوريا.
رغم كل الجهود المبذولة ما تزال أعداد كبيرة من الذخائر غير المنفجرة والألغام موجودة بين منازل المدنيين، وفي الأراضي الزراعية وفي أماكن لعب الأطفال، ناجمة عن قصف ممنهج للنظام وروسيا استمر على مدى سنوات ومايزال حتى الآن، وستبقى قابلة للانفجار لسنوات أو حتى لعقود قادمة، ومع وجود تلك الذخائر وانتشارها في جميع أنحاء سوريا، ستستمر الخسائر لفترة طويلة حتى في حال انتهاء الحرب، و تتركز جهود الدفاع المدني السوري على التعامل مع هذا الواقع المؤلم والحفاظ على أرواح المدنيين، عبر إزالة تلك الذخائر وتوعية المدنيين من خطرها، وإن الأعمال المتعلقة بالألغام وإزالة الذخائر غير المنفجرة هي استثمار في الإنسانية، فهي تساعد في رعاية المجتمعات وإعادة إحيائها، وتمكين النازحين داخلياً العودة إلى منازلهم، والأطفال من الوصول لمدارسهم و أماكن لعبهم بأمان.
No related posts yet
Please check back soon!