عامان على هجوم دوما الكيماوي والنظام السوري يفلت من العقاب بعد كل الهجمات الكيميائية التي نفذها

من المتوقع أن تنشر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة تقريرها الأول، غداً الأربعاء بحسب صحيفة الغارديان البريطانية، والذي سيحدد صراحةً المسؤول عن هجمات غاز السارين والكلور على المدنيين في سوريا

لم يتوانَ النظام السوري على مدى السنوات الماضية في حربه على السوريين من استخدام السلاح الكيميائي ضدهم، ولم تمنعه الردود الغربية المحدودة، من تكرار قصف المدنيين بالغازات السامة، معتمداً بذلك على دعم حليفه الروسي له وغياب نية دولية واضحة لمحاسبته.

واليوم، ومع مرور عامين على مجزرة دوما الكيماوية التي نفذها النظام السوري في 7 نيسان عام 2018، (وهي واحدة من أكثر 200 هجوم كيماوي نفذه النظام) عبر استهداف المدينة بهجومين منفصلين من قبل مروحياته ببراميل محملة بغازات سامة، ذهب ضحيتهما 41 مدنياً وأصيب أكثر من 500 آخرون بحالات اختناق أغلبهم أطفال ونساء كانوا مختبئين في الأقبية هرباً من العمليات العسكرية للنظام وروسيا، بهدف السيطرة على المدينة.

وأكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مطلع آذار 2019، استخدام مادة سامة خلال الهجوم على مدينة دوما في نيسان 2018، وبحسب التقرير النهائي الذي أصدرته بعثة تقصي الحقائق الأممية، فإن تحليل العينات الطبية والبيئية التي حصلت عليها البعثة خلال تفتيش المنطقة أظهر استخدام مادة "الكلور الجزيئي" .

روسيا تهاجم منظمة حظر الأسلحة بعد إثباتها هجوم دوما

هاجمت روسيا، منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بعد تقريرها المتعلق بهجوم مدينة دوما بريف دمشق، وذلك في محاولة منها لحماية النظام وتغطية جريمته، ووصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 26 تشرين الثاني الماضي، خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذين وضعوا التقرير (الذي نشر في أذار عام 2019) بأنهم "قذرون".

وردَّ المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فيرناندو ارياس، على الادعاءات الروسية و أكد تمسكه بالتقرير الذي قدمه محققو المنظمة، والذي أوضح أنه تم استخدام الكلورين (الكلور الجزيئي) في هجوم دوما، ما أدى لسقوط ضحايا في صفوف المدنيين.

تشكيل فريق جديد لتحديد المسؤول عن الهجمات الكيميائية بسوريا

أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة، في 10 تموز عام 2019، تشكيل أول فريق تحقيق لديه سلطة تحديد الجهة المنفذة للهجمات الكيميائية في سوريا.

وقالت المنظمة، في بيان أنذاك، إنها قررت "إرسال فريق جديد شكلته لتحديد الجهة التي استخدمت سلاحاً محظوراً في سوريا، وسيحقق في تقارير بشأن وقوع 9 هجمات كيميائية هناك، بينها هجوم "دوما وأضافت أنّ فريق التحقيق الجديد سيكون لديه "سلطات تتيح له توجيه اتهامات لمنفذي الهجمات".

وفي حزيران 2018، قررت الدول الأعضاء بالمنظمة، تشكيل فريق يتكون من 10 خبراء مهمته تحديد هوية الجهات المسؤولة عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا،وجاء ذلك بعد أن قرر مجلس الأمن الدولي توسيع صلاحيات المنظمة كي لا تكتفي بالتحقق في استخدام الكيميائي من عدمه.

النظام السوري يرفض التعامل مع فريق التحقيق الأممي

رفض النظام السوري السماح بدخول فريق تحقيق تابع لمنظمة “حظر الأسلحة الكيميائية”، إلى سوريا، من أجل التحقق من هجمات بأسلحة محظورة.

وقال المدير العام لمنظمة “حظر الأسلحة”، فيرناندو ارياس، في حزيران عام 2019 إن النظام رفض السماح بدخول فريق تم تشكيله للتعرف إلى هجمات بأسلحة محظورة وتحديد الجناة، مضيفاً أن النظام يرفض الاعتراف بالقرار والتعامل مع أي من نتائجه وآثاره.

أين وصل التحقيق الأممي حول الهجمات الكيميائية

من المتوقع أن تنشر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة تقريرها الأول، غداً الأربعاء بحسب صحيفة الغارديان البريطانية، والذي سيحدد صراحةً المسؤول عن هجمات غاز السارين والكلور على المدنيين في سوريا وذلك بالتزامن مع ذكرى مجزرتي، دوما الكيماوية في 7 نيسان 2018، وخان شيخون في 4 نيسان 2017.

تحقيقات سابقة تثبت مسؤولية النظام ولكن دون محاسبة

نفذت آلية التحقيق المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية مهمة تحديد المسؤولية عن الهجمات بالأسلحة الكيماوية لكن روسيا استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد قرار لتمديد تفويض الآلية إلى ما بعد تشرين الثاني عام 2017، وخلصت آلية التحقيق في سلسلة تقارير منذ ذلك الحين إلى أن النظام السوري استخدم غاز الأعصاب السارين والكلور كأسلحة كيميائية في هجماته، بالرغم من إثبات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مسؤولية النظام عن الهجمات (ومن بينها 184 هجوماً بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان)، جاءت بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة روسيا تعهد فيه النظام السوري بتدمير وتسليم أسلحته الكيميائية بالكامل، وذلك بعد انضمامه إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية في عام 2013 وموافقته على الخضوع لتفتيش منظمة حظر الأسلحة.

إن تحديد المسؤول عن استخدام الأسلحة الكيميائية في الهجمات التي حصلت في سوريا أمر مهم والتي ذهب ضحيتها نحو 1472 ضحية و9889 مصابا في 222 هجوما كيميائيا، 217 منها نفذها النظام السوري بحسب احصاءات الشبكة السورية لحقوق الإنسان.

و بالرغم من الدلائل المتوفرة والتحقيقات الأممية السابقة التي أثبتت تورط النظام باستخدام الأسلحة الكيميائية في الهجمات التي نفذها قبل عام 2015 لم يكن هناك أي تحرك أممي أو دولي حقيقي لمعاقبته وهو ما دفعه إلى تنفيذ مزيد من الهجمات الكيماوية والعمل على تطوير أسلحته الكيميائية.

إن غياب الجدية من المجتمع الدولية في محاسبة النظام على جرائمه التي ارتكبها بالأسلحة الكيميائية وغيرها من الأسلحة المحرمة دولياً وحتى التقليدية، يعتبر بمثابة ضوء أخضر له، للاستمرار في إبادة السوريين، ويشجعه في ذلك حليفه الروسي الذي يؤمن له الحماية والغطاء السياسي في مجلس الأمن الدولي عبر استخدام حق النقض الفيتو ضد أي اجراء قد يتخذ ضده.