الدفاع المدني السوري يطلق مشروعاً لتبحيص أكثر من 50 مخيماً الأكثر عرضة لمخاطر السيول في شمال غربي سوريا
إن تحسين البنية التحتية أمر بالغ الأهمية للتخفيف من حدة الكوارث المرتبطة بالمناخ، وخاصة السيول التي تحدث سنوياً، ورغم أهمية الجهود فهي حلول تهدف لتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية وتأمين مقومات الحياة التي تحفظ الكرامة البشرية، إلى حين عودة المهجرين قسراً إلى منازلهم ومدنهم.
تتكرر في كل فصل شتاء معاناة المدنيين في مخيمات الشمال السوري ضعيفة البنية التحتية، والتي تعجز عن مواجهة الظروف الجوية، ويعمل الدفاع المدني السوري جاهداً على سد الفجوة الكبيرة في احتياجاتها، ومعالجة الحاجة الناشئة إلى مخيمات ومساكن آمنة وكريمة وتحسين الظروف المعيشية، بعد أكثر من 13 عامًا من الحرب والزلزال المدمر في فبراير 2023.
وأطلق الدفاع المدني السوري بداية شهر آذار الحالي مشروعاً لتبحيص طرقات أكثر من 50 مخيماً الأكثر تعرضاً لخطر السيول والفيضانات في ريفي إدلب وحلب، بطول أكثر من 38 ألف متراً، وإنشاء 413 نقطة صرف مطرية، وفرش ورص 163 ألف متر مربع من الحصى، ورش مادة MC0 بمساحة 7730 متر مربع على طرقات المخيمات، ومن المتوقع أن تنتهي أعمال المشروع في منتصف شهر نيسان القادم في المخيمات التي تتوزع في مناطق إدلب وجسر الشغور وأريحا و حارم في ريف إدلب، وجبل سمعان وعفرين وجرابلس والباب في ريف حلب، وتم اختيار توقيت المشروع خلال شهري آذار ونيسان كونهما الأنسب لعملية التبحيص، حيث تكون المنطقة ما بين الرطبة إلى الجافة، مما يقلل من نواتج الأعمال من الغبار وتأثيره على المدنيين.
وبناءاً على تقييم الأضرار بالمخيمات التي تعرضت للفيضانات والسيول وحالة الطرق فيها خلال فصل الشتاء، واحتياجات هذه المخيمات لأعمال التبحيص والمصارف المطرية، تم اعتماد القائمة النهائية للمخيمات التي سيتم العمل فيها من قبل الدفاع المدني السوري خلال المشروع في مناطق إدلب وحلب.
ويتضمن المشروع إجراء الأعمال المدنية المختلفة من حفر وتسوية ورصّ لأرضية التأسيس للطرقات المستهدفة، ومن ثم أعمال توريد الحصى وفرشها ورصها إضافة لتنفيذ مصارف مطرية، وينفذ المشروع بإشراف من الدفاع المدني السوري وعبر مزودي خدمة (متعهدين).
ويبلغ طول الطرقات الكلي التي سيتم العمل عليها خلال المشروع بنحو نحو 38 كم، ويقدر عدد المستفيدين في تلك المخيمات بنحو 100 ألف نسمة
الأثر من تنفيذ المشروع:
1- زيادة سرعة استجابة فرق الدفاع المدني السوري ومنظومات الإسعاف والإطفاء والإنقاذ
2- سهولة وصول فرق الإغاثة والفرق الطبية.
3- سهولة وصول الأطفال إلى المدارس خلال فصل الشتاء.
4 ـ تخفيف معاناة الفئات الضعيفة (ذوو الاحتياجات الخاصة وكبار السن والحوامل) وتسهيل تنقلهم.
4- سهولة وصول المدنيين إلى المرافق الحيوية والخدمات داخل وخارج المخيم.
آلية العمل في المشروع:
1- قشط وتسوية طبقة التأسيس السابقة للطريق المتضررة، وفي الطرقات غير المبحصة سابقاً يتم صندقة الطريق حسب الأبعاد المطلوبة مع دحلها بالشكل الأنسب، تليها مرحلة حفر خطوط الصرف المطري مع تنفيذ الميول المناسب باتجاه المصب.
2- تأسيس نقاط التصريف المطرية.
3- فرش مواد البحص مع الترطيب والدحل لعدة مراحل حتى تصل لدرجة الرص المناسبة (حيث تخضع مواد البحص وأعمال مصانعتها إلى عدة اختبارات متخصصة بأعمال الطرقات).
4- في المرحلة النهائية يتم رش طبقة من مادة MC0 لضمان تقليل تهالك سطح الطريق على المدى البعيد.
وتعرضت مناطق شمال غرب سوريا في خلال فصل الشتاء لعدة عواصف جوية مترافقة بهطولات مطرية وثلجية، وأدت الأمطار والسيول لأضرار مادية كبيرة في المناطق والمخيمات، وارتفاع منسوب مياه نهر العاصي، وفيضان مجاري المياه، بالتوازي مع انخفاض درجات الحرارة، ما فاقم معاناة المدنيين لاسيما الأطفال والنساء في ظل فقدان جميع مقومات الحياة مع طول سنوات الحرب والتهجير وبعد عام على الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة.
وتضرر خلال العواصف التي ضربت مناطق شمال غربي سوريا خلال فصل الشتاء الحالي أكثر من 113 مخيماً في مناطق شمال غربي سوريا استجابت له فرقنا، تضرر في هذه المخيمات أكثر من 272 خيمة بشكل كلي، و 1512 خيمة بشكل جزئي، كما تضررت طرقات مئات المخيمات بسبب السيول وتحولت لبرك من الوحل، أعاقت وصول المدنيين إلى مرافق الحياة والطلاب إلى مدارسهم.
ونفذ الدفاع المدني السوري خلال الفترة السابقة مشاريع بنى تحتية نوعية في إطار خطة عمل لتخفيف معاناة المدنيين ضمن إطار عمليات التعافي وإنعاش المجتمعات المتضررة، شملت المشاريع إعادة تأهيل الطرق، والمساهمة في عمليات دعم المجتمعات والعملية التعليمية والواقع الصحي، وترميم قطاع المياه والصرف الصحي، ولا تزال تعمل المؤسسة على العديد من المشاريع لترميم البنى التحتية المتضررة وإنعاش المجتمعات المتضررة، ولا تهدف هذه المشاريع إلى إعادة بناء مرافق أساسية وإعادة تأهيل طرقات وشبكات مياه وصرف صحي فحسب، بل تهدف أيضاً إلى تأمين الاستقرار للسكان، والانتقال من الاستجابة الطارئة إلى التخطيط طويل الأجل في الأعمال والمشاريع التي تقدمها الخوذ البيضاء
وبالإضافة إلى المشاريع التي يعمل عليها الدفاع المدني السوري، نفذت الفرق أكثر من 2983 عملاً خدمياً منذ بداية العام الحالي 2023 حتى يوم 18 شباط، في مناطق ومخيمات شمال غربي سوريا، كان منها 684 عملاً خدمياً في المخيمات، وتهدف هذه الأعمال إلى تخفيف تبعات الحرب والتهجير عن المدنيين وتعزيز الصمود المجتمعي المحلي في مئات التجمعات السكنية، والمدن، والبلدات، والقرى، والمخيمات.
وبحسب إحصاءات مجموعة المأوى ـ مركز شمال غربي سوريا، يحتاج ما يقدر بنحو 2.1 مليون شخص إلى المساعدة في مجال المأوى، بما في ذلك الدعم في فصل الشتاء.
ويعيش حوالي 1.9 مليون شخص في 1556 مخيماً معظمها (حوالي 1,400 مخيم) غير مجهزة للنازحين داخليًا (مهجرون قسراً) استقروا ذاتياً، ومن بين هذه المخيمات 86% منها مكتظة للغاية، وتمثل النساء والأطفال أغلبية المقيمين في في مخيمات النازحين داخلياً (مهجرون قسراً) بنسبة 80%.
أدى الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في شباط 2023 إلى تفاقم ظروف السكان الضعفاء بالفعل الذين يعيشون في مخيمات مكتظة وغير ملائمة، وبسبب نقص التمويل، يتعرض 1.16 مليون شخص لخطر عدم تلقي الأنشطة الشتوية الأساسية.
ما يعيشه السوريون من كارثة إنسانية بعد 13 عاماً من الحرب هو نتاج لغياب الحل السياسي واستخدام نظام الأسد التهجير القسري وتدمير البنية التحيتة كأدوات للحرب على السكان تفرز تداعيات طويلة الأمد، وإن حل هذه المأساة والكارثة يبدأ بالحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254 وعودة المهجرين قسراً لمنازلهم ومدنهم وبلداتهم بعد محاسبة من هجرهم وقتلهم، عندها فقط تعود بهجة هذا الأمطار، وتلتئم الجراح.