في اليوم الدولي لحماية التعليم من الهجمات …حماية التعليم ضمان لمستقبل سوريا

التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان وعامل أساسي لتحقيق السلام والتنمية المستدامة

تخلف الحروب آثاراً لا تنتهي بسهولة، لكن أخطرها على الإطلاق عندما تستهدف المدارس و المرافق التعليمية، لأن أجيالاً ستُدمر، وسيدمر معها المستقبل، ونتائجها الكارثية ستبقى لعقود قادمة، وسيقوّض التعليم الذي يشكل شريان حياة الأطفال والشباب المحاصرين في مناطق الحروب، وينتهي معه أملهم بمستقبل أفضل.

ويشبه التعليم في سوريا أي تفصيل آخر أنهكته سنوات الحرب، و يدفع الأطفال ثمن ذلك فاتورة باهظة من مستقبلهم، بسبب الهجمات الممنهجة لنظام الأسد وحليفه الروسي والتي جعلت من المدارس والمنشآت التعليمية هدفاً لها، ليس فقط لتدمير البنية التحتية وقتل الأطفال، إنما للحكم على مستقبل سوريا بالإعدام.

وبات طول أمد الحرب المستمرة منذ 12 عاماً عاملاً ضاغطاً بقوة ويؤثر على مستقبل أجيال بأسرها، ويحرمها إمكانية الحصول على التعليم.

هجمات ممنهجة على المدارس

استهدفت قوات النظام وروسيا، بشكل ممنهج المدارس والمرافق التعليمية، هذه الهجمات هي جزء من استراتيجية أوسع لتقويض نظام التعليم،وقد أدت هذه الهجمات إلى خسائر كبيرة في الأرواح بين الطلاب والمعلمين والكوادر الإدارية.

إضافة لأضرار بالغة في البنية التحتية للمدارس والمرافق التعليمية التي دمرت جزئياً أو كلياً، وشمل التدمير أيضاً الموارد الأساسية مثل الكتب المدرسية والمواد التعليمية، ما أدى إلى تعطيل إمكانية الوصول إلى التعليم لمئات الآلاف.

أدت الهجمات المتكررة على المدارس إلى تعطيل تعليم التعليم سواء في فترات زمنية أو في أماكن جغرافية، إذ أغلقت العديد من المدارس أبوابها، وتعمل أخرى في خوف دائم، ما أدى إلى تراجع كبير في معدلات الحضور وانخفاض جودة التعليم.

وتسببت العمليات العسكرية والقصف الممنهج من قبل قوات النظام وروسيا روسيا، بتضرر آلاف المدارس منذ عام 2011، وخلال الأعوام الأربعة الماضية، و استجاب الدفاع المدني السوري لهجمات ممنهجة شنها نظام الأسد وروسيا استهدفت أكثر من 144 مدرسة ومنشأة تعليمية في شمال غربي سوريا، وكانت الهجمات موزعة على 89 هجوماً في عام 2019، و40 هجوماً في 2020، و 7 هجمات عام 2021، وهجومان في عام 2022، وبلغ عدد الهجمات على المدارس في شمال غربي سوريا من بداية العام الحالي 2023 حتى 5 أيلول 6 هجمات.

التهجير والنزوح المتكرر يحرم الطلاب من التعليم

لم تكن الهجمات المباشرة للنظام وروسيا واستهداف المدارس هي الخطر الوحيد الذي يواجهه الطلاب، لكن التهجير و النزوح المتكرر للطلاب كانت آثاره كارثية أيضاً وخاصة أن موجات النزوح التي كانت ذروتها في نهاية عام 2019 وبداية عام 2020 كانت كبيرة جداً ولا يوجد بنية تحتية لاستيعاب أكثر من مليون ونصف مليون مدني نزحوا خلال فترة قصيرة، ما أدى لتوقف التعليم نحو عام كامل بسبب الخوف أيضاً من استمرار استهداف المدارس.

وتشهد مناطق شمال غربي سوريا تصعيداً بعمليات القصف ويهدد هذا التصعيد سير العملية التعليمة و أرواح الطلاب مع اقتراب العام الدراسي الجديد، وخاصة في مناطق جبل الزاوية وريف إدلب الشرقي وريف حلب الغربي.

كما أثرت عمليات التهجير القسري والنزوح بجانب آخر وهو إشغال عدداً من المدارس من قبل المهجرين قسراً والعيش في هذه المدارس كمراكز إيواء مؤقت في ظل غياب أماكن بديلة تؤويهم.

دور الخوذ البيضاء في حماية التعليم

إضافة لدور فرق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في الاستجابة للهجمات التي تتعرض لها المدارس وإنقاذ الأرواح، فإنها تقوم بمهام أخرى لحماية المدارس ودعم العملية التعليمية.

▪️ الإنذار المبكر:

في إطار الجهود للتعامل مع الواقع الأليم في شمال غربي سوريا في ظل استمرار الهجمات القاتلة لنظام الأسد وروسيا واستهداف المدارس لحرمان الأطفال من التعليم وتدمير مستقبلهم، تسعى فرقنا لضمان سلامة الطلاب وتجنيبهم خطر الهجمات الجوية، عبر وجود أجهزة الإنذار الضوئي ضمن عدد من المدارس في شمال غربي سوريا والتي تعطي تحذيرات مبكرة في حال احتمال تعرض هذه المدارس للغارات الجوية، ليجد الكادر التدريسي الوقت الكافي لإخلاء المدرسة واتباع تدابير الأمن والسلامة، مع تنظيم جلسات تعريفية للكوادر التعليمية، بخدمة الراصد وطريقة الاشتراك بها وأهميتها في تلقي التنبيهات وتم تركيب أجهزة إنذار ضوئي في 103 مدارس في ريفي إدلب وحلب الغربي.

▪️ تدريبات الأمن والسلامة:

من خلال تنظيم جلسات توعوية وإقامة فرضيات لتدريب الطلاب والكوادر التعليمية على الإخلاء الآمن في حالات القصف والكوارث، والحفاظ على سلامة الطلاب.

▪️الحد من المخاطر: تعمل فرقنا على الحد من المخاطر المرتبطة التي خلفها القصف عبر إصلاح وتعزيز المباني المدرسية، وإنشاء مساحات آمنة للطلاب، ورفع مستوى الوعي لديهم.

▪️ تأمين مخاطر مخلفات الحرب

تقوم فرق إزالة الذخائر غير المنفجرة في الدفاع المدني السوري بعمليات مسح ضمن المدارس في المناطق التي تتعرض للقصف للتأكد من خلوها من أي مخلفات قبل بدء العام الدراسي كما تقوم بجلسات توعية للطلاب وللكادر التعليمي بمخاطر مخلفات الحرب وطرق التصرف السليم في حال مشاهدة أي جسم غريب.

إن الهجمات التي يشنها نظام الأسد وروسيا على المدارس منذ أكثر من 12 عاماً، لم تكن صدفة أو مجرد هدف عادي ضمن أهداف حربهم التدميرية على السوريين وإنما كانت ممنهجة ومتعمدة وتهدف بشكل مباشر لتدمير مستقبل الأطفال، وإعاقة القدرة على إعادة البناء والتعافي بعد انتهاء الحرب، وإن عدم القدرة على الوصول إلى التعليم الجيد يجعل الأطفال عرضة للجهل والتأثر بتبعات الحروب وسياقتها، ما قد يؤدي إلى تأجيج الصراعات في المستقبل.

لا يمكن أن يبقى قتل الأطفال وتدمير مستقبلهم أمراً عادياً لا يلتفت إليه المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة، إن إفلات نظام الأسد من العقاب هو ما جعله يمعن أكثر في الاستمرار بجرائمه وتطوير أسلحته واستخدام أسلحة دقيقة بما لا يترك مجالاً للشك بأن هجماته متعمدة والهدف منها هو قتل المدنيين وخاصة الأطفال وترهيبهم.

ينبغي على المجتمع الدولي وضع حد للهجمات القاتلة على الأطفال وحمايتهم ومحاسبة من ارتكب الجرائم بحقهم، وبذل كل الجهد لدعم الأطفال لاستعادة مستقبلهم لأنهم الضامن الوحيد لمستقبل سوريا.