مقتل مدني وإصابة 9 آخرين خلال 4 أيام بانفجارات لمخلفات الحرب شمال غربي سوريا

"

مع استمرار حرب النظام وروسيا وحملات القصف الممنهجة لقتل السوريين، يتنامى خطر الموت الموقوت على حياة المدنيين، فسلاح الحرب ليس فقط الهجمات والقصف، بل آثارها ومخلفاتها التي باتت تشكل رعباً يهدد الحياة في شمال غربي سوريا.

 

قتل مدنيٌ اليوم السبت 27 تموز، بانفجار قنبلة عنقودية من مخلفات قصف سابق لقوات النظام وروسيا، في أرض زراعية على أطراف بلدة بداما في ريف إدلب الغربي، وهذا الحادث هو الرابع من نوعه خلال أربعة أيام في شمال غربي سوريا.

و يوم الأربعاء 24 تموز وقعت 3 حوادث انفجار لذخائر غير منفجرة وأجسام غريبة من مخلفات الحرب في شمال غربي سوريا أدت لإصابة 9 مدنيين بجروح متفاوتة الخطورة، بينهم 7 أطفال وامرأة، وهي حصيلة خطرة لانفجارات مخلفات الحرب تزيد من حالة الخوف والذعر بين المدنيين.

أول تلك الحوادث أدى لإصابة 4 مدنيين بجروح بليغة وهم من عائلة واحدة (أب وأم وطفلين أحدهما رضيع) بسبب انفجار مقذوف ناري من مخلفات الحرب في خيمتهم بمخيم عطاء بمنطقة الشيخ بحر شمالي إدلب.

والثاني أيضاً أدى لإصابة 4 أطفال بجروح، إثر انفجار جسم من مخلفات الحرب، في قرية القرمطلي بالشيخ حديد بريف عفرين شمال غربي حلب.

والثالث كان بإصابة الطفل، جودت ياسر عطار، 12 عاماً، بجروح بليغة إثر انفجار جسم من مخلفات الحرب، وقع على أطراف قرية كورين جنوبي إدلب.

وقتل رجل وأصيب طفله بجروح خطرة، إثر انفجار لجسم غريب منقول (تم تحريكه ونقله للمكان) من مخلفات الحرب وقع أمام خيمتهم في مخيم يحمل اسم ""ريف حلب الجنوبي"" قرب مدينة دركوش غربي إدلب، يوم الخميس 13 حزيران.

وخلال النصف الأول من العام الحالي 2024 استجابت فرق الدفاع المدني السوري لأكثر من 5 حوادث انفجار لمخلفات الحرب في شمال غربي سوريا، تسببت هذه الانفجارات بمقتل 3 مدنيين بينهم طفل، وإصابة أكثر من 15 طفلاً بجروح.

وازدادت خلال الفترة الماضية حوادث انفجار مخلفات الحرب بشكل كبير في شمال غربي سوريا، مزهقة أرواح المدنيين ومخلفة إصابات تترك أثراً جسدياً ونفسياً لدى المصابين يرافقهم للأبد

ويشكل الأطفال الفئة الأكثر عرضةً لخطر مخلفات الحرب، لقلة وعيهم وأشكالها الغريبة المُلفتة لهم وانتشارها الواسع إذ أن النطاق الكامل للتلوث بمخلفات الحرب والذخائر العنقودية غير معروف ولكنه بالتأكيد واسع الانتشار مع الاستخدام المتكرر للذخائر العنقودية بسبب الحرب المستمرة منذ 13 عاماً.

وكشف تقرير مرصد الألغام الأرضية (Mine Action Review) السنوي الصادر في تشرين الثاني الماضي، والذي ساهم فيه الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) من خلال توفير البيانات، وجمع وإدارة المعلومات المتعلقة بالألغام في شمال غربي سوريا وتحديد المناطق الملوثة، أن سوريا سجلت و للعام الثالث على التوالي، أكبر عدد من الضحايا الجدد للألغام المضادة للأفراد أو مخلفات الحرب القابلة للانفجار، حيث وثق التقرير 834 ضحية في عموم سوريا خلال العام 2022 والنصف الأول من العام 2023، ويعد التقرير بمثابة الأساس للعمل المنتظم للدول الـ 164 الموقعة على اتفاقية أوتاوا لحظر استخدام الألغام المضادة للأفراد (APMBC) واتفاقية الذخائر العنقودية (CCM).

وسجل مرصد الذخائر العنقودية في تقريره السنوي لعام 2023، ويغطي التقرير الفترة من آب 2022 إلى حزيران 2023 وقوع 1172 ضحية (قتلوا أو أصيبوا) بالذخائر العنقودية خلال الفترة الممتدة بين آب 2022 حتى حزيران 2023 في ثماني دول بينها سوريا، وهذا هو أعلى عدد من الضحايا السنوية المسجلة منذ بدأ المرصد إصدار التقارير في عام 2010.

مع استمرار الحرب وتعمّد قوات النظام وروسيا القصف بالقنابل العنقودية وغيرها من الذخائر، يعيش السوريون خطراً طويل الأمد على حياة الأجيال القادمة وخاصة الأطفال لجهلهم بماهية هذه الذخائر وأشكالها وخطرها على حياتهم.

ولاتزال أعداد كبيرة من الذخائر غير المنفجرة والألغام موجودة بين منازل المدنيين، وفي الأراضي الزراعية وفي أماكن لعب الأطفال، ناجمة عن قصف ممنهج طوال السنوات الـ 13 الماضية، وستبقى قابلة للانفجار لسنوات أو حتى لعقود قادمة، ومع وجود تلك الذخائر وانتشارها في جميع أنحاء سوريا، ستستمر الخسائر لفترة طويلة حتى في حال انتهاء الحرب.

وتتركز جهود الدفاع المدني السوري على التعامل مع هذا الواقع المؤلم والحفاظ على أرواح المدنيين، عبر إزالة تلك الذخائر وتوعية المدنيين من خطرها، وإن الأعمال المتعلقة بالألغام وإزالة الذخائر غير المنفجرة هي استثمار في الإنسانية،

وتواصل فرق إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري جهودها في حماية المدنيين في شمال غربي سوريا من هذهِ المخلفات، من خلال أعمالها التي تشمل المسح غير التقني، والإزالة، والتوعية، وقد قامت فرقنا بـ 610 عمليات مسح غير تقني خلال النصف الأول من العام الجاري وبلغ عدد المناطق الملوثة 188، وأتلفت 459 ذخيرة غير منفجرة من مخلفات الحرب، بينها 91 عنقودية، كما قدمت فرقنا 1616 جلسة توعية في الفترة نفسها، استفاد منها نحو 31 ألف مدني مدني، بينهم أكثر من 15 ألف طفل و وأكثر من ألفي امرأة.

على المجتمع الدولي إيجاد أفضل الوسائل لإجبار نظام الأسد على تدمير مخزونه من الألغام والانضمام إلى معاهدة حظر استخدام الذخائر العنقودية، وضرورة نشر خرائط تفصيلية بالمواقع التي زرع فيها الألغام للعمل على إزالتها، ومن ثم محاسبته على جرائمه بحق السوريين، ويبدو أن تلك الجرائم لن يكون من السهل التخلص منها وستستمر آثارها لعقود قادمة.

"