النصف الأول من عام 2021 ...هجمات ممنهجة لنظام الأسد وروسيا تهدد المدنيين شمال غربي سوريا

تسببت تلك الهجمات بمقتل أكثر من 110 أشخاص خلال النصف الأول من عام 2021 من بينهم 23 طفلاً و19 امرأة، ومتطوعان من الدفاع المدني السوري

مضى النصف الأول من عام 2021 ولكن وتيرة تصعيد نظام الأسد وحليفه الروسي على شمال غربي سوريا ارتفعت بشكل واضح مع هجمات ممنهجة على المشافي والمرافق الحيوية ومراكز الدفاع المدني السوري، في سياسة شبيهة بما كان يجري منذ عشر سنوات وإن كانت الهجمات أخفض نسبياً ولا يمكن توصيفها بأنها حملات عسكرية ولكنها تأتي في إطار سياسة قوات النظام وروسيا بالحفاظ على حالة من اللا حرب واللاسلم، بهدف منع أي حل سياسي على الأرض، ولضمان بقائها المرتبط بحالة التوتر.

خروقات النظام وروسيا

استجاب الدفاع المدني السوري منذ بداية عام 2021 حتى 5 تموز لأكثر من 702 هجمة استهدفت منازل المدنيين والمنشآت الحيوية في شمال غربي سوريا، من قبل قوات النظام وروسيا والميليشيات الموالية لهما، منها 192 هجوماً تم شنها خلال شهر حزيران الماضي والأيام الأربعة الأخيرة من شهر تموز الحالي، خلال تصعيد على منطقتي ريف ادلب الجنوبي وريف حماة الشمالي والغربي بشكل خاص، حيث ارتفعت وتيرة الهجمات بالتزامن مع اجتماع دول صيغة أستانا، واقتراب جلسة مجلس الأمن لمناقشة قرار تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود.

واستخدمت قوات النظام وروسيا آلاف الذخائر عبر هجمات موزعة على 29 هجوماً بالغارات الجوية كان جميعها بالطيران الروسي، و566 هجوماً بالقذائف المدفعية، و65 هجوماً بالصواريخ الثقيلة وراجمات الصواريخ، و27 هجوماً بالصواريخ الموجهة المضادة للدروع، بالإضافة لعدة هجمات أخرى بالقنابل العنقودية والأسلحة الأخرى.

الضحايا والأرواح المنقذة

تسببت تلك الهجمات بمقتل أكثر من 110 أشخاص، من بينهم 23 طفلاً و19 امرأة، ومتطوعان من الدفاع المدني السوري، وتمكنت فرق الدفاع المدني السوري من إنقاذ وإسعاف 296 شخصاً أصيبوا جراء تلك، من بينهم 52 طفلاً تحت سن الـ 14، و11 متطوعاً بالدفاع المدني السوري، فيما كان شهر حزيران والأسبوع الأول من شهر تموز، أيام دموية بامتياز قتلت قوات النظام وروسيا فيها 54 شخصاً، من بينهم 11 طفلاً و10 نساء، كما أصيب أكثر من 148 شخصاً.

استهداف أكثر من 24 منشأة حيوية

تركزت الهجمات التي شنها نظام الأسد وروسيا على منازل المدنيين والمرافق الحيوية في الشمال السوري، و وثقت فرقنا تعرض أكثر من 24 منشأة حيوية للاستهداف بتلك الهجمات، من ضمنها مستشفيان، ومركزان للدفاع المدني السوري، و 3 مدارس، ومسجد و 4 مخيمات و 5 محطات تكرير وقود، و 4 مرافق عامة، إضافة لعشرات منازل المدنيين.

وتعمدت قوات النظام وروسيا استهداف الحقول الزراعية بالتزامن مع موسم الحصاد وجني المحاصيل الزراعية، في سياسة ممنهجة لحرمان المدنيين من قوت يومهم وتجويعهم وحصارهم، وأدت الهجمات لحرائق كبيرة بمحاصيل القمح والشعير وحبة البركة، وخاصة في سهل الغاب، إضافة لأضرار في الأراضي الزراعية في جبل الزاوية.

قذائف "كراسنوبول"

تستخدم قوات النظام وروسيا أسلحة متطورة وذات دقة عالية في استهداف المدنيين وفرق الدفاع المدني السوري، وهي قذائف مدفعية موجهة بالليزر من نوع ( كراسنوبول) ، وهذا ما يؤكد أن القصف ممنهج بهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا، حيث وثقت فرقنا استخدام هذا النوع في قصف مشفى الأتارب في 21 آذار الماضي ومعبر باب الهوى، وفي قرية إبلين في 10 حزيران الماضي، وباستهداف مركز الدفاع المدني السوري في قرية قسطون غربي حماة، و منازل المدنيين في جبل الزاوية وأريحا.

استقرار مفقود في جبل الزاوية وسهل الغاب

شهدت مناطق الشمال السوري أكبر موجة نزوح في سوريا منذ عام 2011، بسبب الهجمات العسكرية والتقدم البري للنظام وروسيا والقصف الذي يستهدف التجمعات السكانية، حيث نزح خلال الأيام الأخيرة من عام 2019 وحتى 5 آذار 2020 أكثر من مليون مدني، أغلبهم نزحوا من ريف حلب الغربي وريف إدلب الجنوبي والشرقي وريف حماة الشمالي والغربي، وتوجه أغلب النازحين نحو المناطق الحدودية بريفي إدلب وحلب، ليتجاوز عدد النازحين الكلي في شمال غربي سوريا 2 مليون مدني معظمهم نزح عدة مرات ومن مناطق مختلفة في سوريا خلال عمر الانتفاضة السورية ضد النظام.

وبعد وقف إطلاق النار عاد ما يقارب 350 ألف شخص لأرياف إدلب وحماة خلال العام الماضي، كما عاد عدد من العائلات بشكل جزئي مع بداية الموسم الزراعي لجني محاصيلهم، لكن حركة النزوح عادت من عدة مناطق بينها منطقة سهل الغاب وجبل الزاوية، حيث تم تسجيل نزوح آلاف المدنيين جراء تجدد القصف المدفعي والصاروخي اليومي على تلك المناطق.

وينذر استمرار التصعيد بموجة نزوح جديدة نحو المخيمات الحدودية المهددة أساساً بكارثة إنسانية التي يعيش فيها أكثر من مليون ونصف مهجرون قسرياً من عدة مناطق في سوريا، ما يفاقم الحالة الإنسانية للنازحين ويحرمهم من حقهم في الغذاء والدواء بعد أن حرمهم نظام الأسد من حقهم في العيش الآمن.

تتبع قوات النظام وروسيا سياسة ممنهجة تتلخص بالحفاظ على حالة من اللا حرب واللاسلم، بهدف منع أي حل سياسي على الأرض، وتتعمد التصعيد قبل أي استحقاق سياسي أو اجتماع على المستوى الدولي لبعثرة الأوراق السياسية وفرض واقع عسكري وإنساني يبعد الأنظار عن الحل السياسي الذي يتهرب منه النظام رغم أنه هو الحل الحقيقي للأزمة الإنسانية.

إن التهديد بإنهاء وقف إطلاق النار بالتوازي مع تلويح روسيا باستخدام الفيتو ضد تمديد تفويض آلية إدخال المساعدات عبر الحدود لأكثر من 4 مليون مدني وعقاب جماعي لهم، يؤكد بما لا لبث فيه أن الطريق الأوضح لإنهاء مأساة السوريين يتجسد بالحل السياسي الشامل وفق قرار مجلس الأمن 2254 والذي يبدأ بوقف هجمات النظام وروسيا على المدنيين في شمال غربي سوريا وعودة المهجرين قسراً لمنازلهم و بمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وعدم منحهم المزيد من الوقت للإمعان في قتل السوريين وتهجيرهم.