شهر آخر يمر على السوريين وآلة قتل النظام ما تزال تلاحقهم… مقتل 15 مدنياً في شهر تشرين الثاني
هجمات النظام قتلت 15 مدنياً بينهم 8 أطفال وامرأتان وجرحت 57 آخرين بينما يلوح شتاء قاسٍ في الأفق ينذر بمأساة ومعاناة متجددة كل عام، في مناطق ومخيمات شمال غربي سوريا.
يمضي شهرٌ آخر من حياة السوريين في رحلة الموت والتهجير وما يزالون عالقين بين آلة قتل النظام المستمرة في سلب أرواح المدنيين حتى وهم يسعون خلف قوت يومهم، وبين فصل شتاء يضاعف معاناة نحو مليوني مهجر يعيشون في المخيمات في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة وضعف في الاستجابة الإنسانية، وحرب مستمرة منذ 12 عاماً، وزلزال مدمر ما تزال تداعياته حاضرة.
لم يكن شهر تشرين الثاني مختلفاً عن سابقاته من حيث هجمات النظام واستهداف المدنيين بشكل ممنهج إذ لم يصعّد هجماته إلى مستوى التصعيد الأخير في شهر تشرين الأول الذي يُعتبر أكثر شهر دموي منذ أربع سنوات.
آلة قتل النظام مستمرة بشتى أنواع الأسلحة
وأدت هجمات النظام خلال تشرين الثاني إلى مقتل 15 مدنياً بينهم 8 أطفال وامرأتان وجرح 57 آخرين بينهم 14 طفلاً و 5 نساء، وتجاوزت هجمات النظام وروسيا الـ 100 هجوم خلال الشهر كانت في معظمها قصف مدفعي.
ووثقت فرقنا 79 هجوماً بقصف مدفعي و 7 غارات جوية و 5 هجمات بصواريخ موجهة حيث باتت الأخيرة سلاحًا يعتمد عليه النظام لزيادة دقة هجماته وزيادة أعداد الضحايا، في سياسة تمنع المدنيين من الوصول إلى منازلهم وأراضيهم، وحرمانهم من الاستقرار وجني المحاصيل وزراعة أراضيهم بالمحاصيل الشتوية.
كما تم توثيق انفجارين مجهولين واثنين آخرين من مخلفات قصف سابق وانفجار عبوة ناسفة ولغم أرضي بينما سجلت فرقنا استهدافين بصواريخ أرض أرض، وآخر براجمة صواريخ بالإضافة إلى استهداف بطائرة مسيرة.
استهداف ممنهج للمدنيين حتى في قوت يومهم
ولم يخلُ تشرين الثاني من مجازر النظام حيث ارتكبت قواته، في الـ 25 من تشرين الثاني، مجزرة راح ضحيتها 10 قتلى مدنيين بينهم 7 أطفال وامرأة وأصيبت امرأة أخرى، (وهم رجل وعائلته وشقيقته وعائلتها)، بقصف مدفعي استهدفهم أثناء عملهم بقطاف الزيتون في مزارع قرية قوقفين جنوبي إدلب.
كما قتل مدني، وأصيب 4 آخرون بينهم طفلة عمرها 4 سنوات وهي شقيقة أحد المصابين، جراء استهداف قوات النظام بصواريخ موجهة نوع كورنيت، سيارة مدنية ومنازل المدنيين في بلدة تفتناز شرقي إدلب، يوم الثلاثاء 7 تشرين الثاني.
وقتل شاب مدني يوم الخميس 16 تشرين الثاني، باستهداف من قوات النظام بصاروخ موجه لآلية هندسية ثقيلة (باكر) أثناء عمل الشاب على رفع سواتر ترابية على أطراف طريق آفس - تفتناز في ريف إدلب الشرقي، لحماية المدنيين والحد من رصد قوات النظام لحركة المارة على الطريق وتمكين المزارعين من الوصول لأراضيهم وزراعتها. بينما أصيب طفلان بجروح جراء قصف صاروخي لقوات النظام، في 19 تشرين الثاني، استهدف الأحياء السكنية لمدينة سرمين شرقي إدلب، وسبقه إصابة 3 مدنيين بينهم طفل وجميعهم من عائلة واحدة، إثر قصف مدفعي لقوات النظام استهدف حقلاً زراعياً في قرية بليون جنوبي إدلب، أثناء عمل المدنيين على قطاف الزيتون، كما أصيبت امرأة بجروح خفيفة بقصف مماثل استهدف منازل المدنيين في قرية بزابور صباح يوم الجمعة 17 تشرين الثاني.
وأصيبت امرأة وطفل بجروح (جدة وحفيدها) يوم الأحد 26 تشرين الثاني، إثر استهداف قوات النظام بصاروخ موجه سيارة مركونة أمام منزل مدني في بلدة كتيان في ريف إدلب الشرقي. كما استهدفت قوات النظام والميليشيات الموالية له، يوم الثلاثاء 28 تشرين الثاني، بصاروخين موجهين، عائلة كانت تجلس بالقرب من سيارة في أرض زراعية يعملون بها ومزرعة للدواجن لجأوا إليها بعد القصف بالصاروخ الأول، في المنطقة بين قريتي زردنا وكتيان في ريف إدلب الشمالي الشرقي، ما أدى لبتر يد أحد الأطفال وإصابة شقيقته بجروح خطرة فيما كانت إصابة والديهما بجروح طفيفة.
ومنذ بداية العام الحالي 2023 حتى30 تشرين الثاني، استجابت فرق الدفاع المدني السوري لـ 18 هجوماً من قبل قوات النظام بالصواريخ الموجهة في مناطق شمال غربي سوريا، نتج عن هذه الهجمات مقتل 5 مدنيين بينهم متطوع في الدفاع المدني السوري، وإصابة 18 مدنياً بينهم 3 أطفال وامرأة بجروح.
مخلفات الحرب تهديد آخر للمدنيين في شمال غربي سوريا
حرب النظام على السوريين لم تقتصر على الهجمات المباشرة بل كان لمخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة نصيبها من سلب أرواح السوريين، حيث قتل طفل وأصيب 3 أطفال آخرين، بانفجار قنبلة عنقودية نوع (Shoab 0.5) من مخلفات قصف النظام وروسيا، شمال مخيم الماسة في ريف قباسين شرقي #حلب، في 18 تشرين الثاني. كما أصيب طفل بجروح خفيفة إثر انفجار مقذوف ناري من مخلفات الحرب وقع في بلدة تفتناز شرقي إدلب، في 13 تشرين الثاني.
وقتل شخص، وأصيب 4 أشخاص بجروح إثر انفجار مجهول بدراجة نارية ذات 3 عجلات، محملة بمادة البنزين، وقع عند مدخل مدينة الباب شرقي حلب، في 25 تشرين الثاني، كما أصيب 19 شخصاً بينهم طفلان بجروح، في انفجار عبوة ناسفة مزروعة بسيارة شاحنة كبيرة، على طريق عفرين - اعزاز عند مدخل مدينة عفرين شمالي حلب، في 18 تشرين الثاني.
كابوس العواصف يطرق باب المهجرين
بدأ شتاء آخر زاد معاناة مئات الآلاف من المهجرين في المخيمات التي تفتقد أدنى مقومات الحياة والبنية التحتية لمواجهة العواصف والهطولات المطرية، وقد أدت الأمطار الغزيرة التي ضربت مناطق شمال غربي سوريا خلال ساعات الليل وفجر يوم الأحد الـ 19 تشرين الثاني، إلى تضرر أكثر من 54 خيمة في 9 مخيمات في ريفي حلب وإدلب، تسربت إليها مياه الأمطار، وتشكل واحات كبيرة من المياه في الطرقات في عدد من المدن والبلدات واستعصاء عدد من السيارات جراء الأوحال المتشكلة عقب العاصفة، وعملت فرقنا حينها على فتح مصارف للمياه في الطرقات واستجرار المياه بعيداً عن المخيمات وتحرير السيارات المستعصية في الوحل وتجريف الوحل من الطرقات وبالقرب من المدارس لتسهيل حركة المدنيين والطلاب.
ويشكل الشتاء كابوساً على المهجرين يفاقم مأساتهم في مخيمات التهجير خاصة بعد كارثة الزلزال المدمر الذي زادَ من أعداد ساكني الخيام وسط ظروف إنسانية صعبة سببتها الحرب المستمرة منذ أكثر من 12 عاماً.
ابتزاز النظام مستمر في إدخال المساعدات
وخلال تشرين الثاني تم تمديد اتفاق إدخال المساعدات عبر الحدود، من معبري الراعي وباب السلامة إلى سوريا، لثلاثة أشهر ورغم قانونية إدخال المساعدات عبر الحدود دون الحاجة لإذن من مجلس الأمن أو طلب الموافقة من نظام الأسد إلا أن السوريون في كل مرة يدفعون ثمن تسييس الملف الإنساني، إذ انتقلت آلية المساعدات من الابتزاز الروسي في مجلس الأمن، إلى ابتزاز نظام الأسد الذي قتل وهجر واستخدم الأسلحة الكيميائية لقتلهم ودمر البنى التحتية وسبل عيش المجتمعات.
وفي ظل أوضاع إنسانية كارثية تعاني منها جميع مناطق شمال غربي سوريا بعد كارثة الزلزال المدمر وتداعيات حرب مستمرة منذ 12 عاماً وشتاء جديد يفاقم معاناة السوريين ويعمق فجوة الاحتياجات الإنسانية المنقذة للحياة تظهر ضرورة العمل على آليات جديدة تضمن استدامةً في العمليات الإنسانية وانطلاقها من مصلحة المجتمعات المتضررة واحترام كرامتهم، وبما يحقق وصول السكان إلى هذه المساعدات بدون شروط، والتخطيط بعيد المدى للبرامج الإنسانية التي تعطي الأولوية للاستجابة لحاجات المجتمعات المتضررة.
منذ 12 عاماً يتبنى النظام سياسة ممنهجة في استهداف المدنيين بشتى أنواع الأسلحة كانت الصواريخ الموجهة أبرزها خلال شهر تشرين الثاني وهو ما يشكل جزءً من سياسة نشر الرعب والقتل بين المدنيين، ويشكل خطراً كبيراً على المدنيين ويثبت أن نظام الأسد وروسيا مستمرون في حربهم على السوريين، وإن المجتمع الدولي والأمم المتحدة وكافة المنظمات الحقوقية مطالبون بالوقوف بحزم إلى جانب المدنيين وتحمّل مسؤولياتهم ووقف هجمات نظام الأسد على أكثر من 4 ملايين مدني، واتخاذ موقف فعلي رادع يضع حداً لتلك الهجمات، والانتقال للحل السياسي الشامل وفق قرار مجلس الأمن 2254 وعودة المهجرين بشكل آمن إلى منازلهم ومحاكمة مرتكبي الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية.